مثلاً رجعت لي حالة طفولية كنت أمارسها وهي (حكحكة الطناجر)... وصرت أتذكر أمي, في تبريراتها لي حين أتأخر عن الطعام: (التالي للغالي)... أي غال؟... لقد كنت ملطشة, ولكن هذه الحالة ردت لي.. وها أنا أحكحك.. في بقايا (المقلوبة).
صرت حين أريد المشي أحب (البطين) أيضاً, لم أعد أحب المشي على الشوارع والأرصفة, (البطين) يعني: الأرض البكر الخالية من أي تدخل بشري... وفي جانب منزلي يوجد الكثير من قطع الأراضي الخالية.. أمشي بها, محاولا استرداد طفولة.. ضيعتها في حفظ أغنية فهد بلان (يا سالمة... يا سالمة).. وللأسف لم أتمكن من حفظها, أصلاً كان فهد بلان يشكل مصدر إلهام لي, لكن الحنجرة لم تساعدني ولا الصوت... كنت أتمنى أن أكون عبدالهادي بلان... ويشار لي, ويقال عني صاحب أغنية: (ع البال بعدك يا جبل حوران.. شرشف قصب ومطرز بنيسان)..
قلت في زمن الكورونا سلوكات كثيرة تغيرت, لم أعد أحب نشرة أخبار لا يوجد فيها غالب الحديدي وسوسن تفاحة, صدقوني إن الكوارث حين تقرأها سوسن تفاحة تكون أجمل, والحروب حين يحصي غالب الحديدي أعداد القتلى فيها تكون أكثر دموية وبسالة.. سوسن كانت جميلة جدا ورائعة.. فكيف من الممكن أن نعيدها إلى التلفاز؟
حتى المسؤول تغير, أتذكر زمان.. حين كان يبث التلفاز خبراً عن مسؤول زار محافظة بعيدة، تشعر كأنه.. قد عاد من (هوشة) للتو, أو أنه كما يقال بالعامية (قطع الحجازين)... صرت أحن إلى ذلك الزمان, أحن إلى ذوقان الهنداوي.. هذا الرجل كان له هيبة خاصة وحين يخرج على التلفاز تشم رائحة كولونيا... كان العطر الوحيد والمفضل والصالح لكل المناسبات..
الكورونا غيرت لدي الكثير من الأشياء.. حتى أنا تغيرت, صرت أحس نفسي أني (أيهم).. وأحياناً أشعر بأن اسمي (عمورة).. الكورونا غيرت كل شيء.. وها أنا أمشي وحدي في (البطين)..
يا إلهي كم أحببت فهد بلان؟
[email protected]
