كتاب

آن الأوان للتغيير

شخصياً, ويشاركني الكثير في الرأي, لم نعد مهتمين فيمن يفوز بالإنتخابات النيابية, أو فيمن يصبح وزيراً, ولماذا تم إقالة الوزير الفلاني وتم تعيين الوزير العلاني، ولم نعد مهتمين بما يفعله ديوان الخدمة المدنية بطوابير الخريجين من الجامعات, ومللنا الحديث عن وباء الكورونا, ولم نعد نهتم بأخبار العالم، حتى إننا مللنا وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تستهلك أغلب أوقاتنا.

لقد أصبحت حياتنا مع كل الاحترام أشبه (بمجتمع سيدات البيوت), اللواتي لا يضيعن شاردة أو واردة الا وتحدثن فيها. أشعر أننا نعيش في دوامة مفرغة, نبحث عن الحلول لمشاكلنا دون أن نتحرك قيد أنملة. اعترف اننا جميعاً سياسيين واقتصاديين, نتحدث في الشق النظري كثيراً, ولكننا أصحاب أقوال ولسنا بأصحاب أفعال. فنحن في هذا الزمان نتبوأ المرتبة الأولى في التنظير، والمرتبة الأخيرة في التطبيق، وللأسف في كثير من الأحيان، نكذب على أنفسنا ونصدق ما نقول!!.

لسنا بحاجة لمنظري مواقع التواصل الإجتماعي, بالاقتصاد والسياسة, الذين أشبعونا وطنية وكلاماً لا يغني ولا يسمن من جوع. وعندما أصبح في موقع المسؤولية أصبحنا نسمع منه جعجعة ولا نرى طحنا، آن الأوان للتغيير كما قال الشاعر أحمد شوقي: «وما نيل المطالب بالتمني، ولكن تؤخذ الدنيا غلابا».

عندما سقطت القنابل النووية على اليابان, لم يكن يتوقع أي عاقل أن تصبح هذه الدولة في مقدمة العالم تكنولوجياً واقتصادياً, وعندما بكى رئيس سنغافورة بعد فصلها عن ماليزيا من الاتحاد الماليزي عام 1965وهي الدولة الأكثر فقراً والتي كانت تعيش في ظل تخلف ونزاعات طائفية وعرقية وفساد, وكانت أشبه (بمدن العشوائيات).

أما الآن فهي في مصاف الدول الأقوى إقتصادياً على مستوى العالم, والأمثلة كثيرة مثل: الصين وتايلند وكوريا الجنوبية, وغيرها الكثير من الدول التي لم تكن تمتلك أدنى مقومات التحضر, والآن أصبحت تحكم العالم اقتصاديا.

يكفينا تباكياً ولطماً للوجوه, نحتاج أن نضيء شمعة بدلاً من أن نلعن الظلام, نحتاج أن نشمر سواعدنا, فلدينا بنية تحتية لا بأس بها, ولدينا إمكانيات بشرية, ولدينا ثروات وخامات طبيعية ومواد أولية لا تعد ولا تحصى, تنتظر منا استثمارها.

وحتى لا يقال إننا نحلم, فليعلم المنظرون والمنتقدون, أن اليابان وكثير من الدول في شرق آسيا, اعتمدت في بداياتها على (التقليد في الصناعة), ومن ثم كان الإبداع والتفوق. فنحن لسنا بحاجة لمصانع الشيبس والألبان, بقدر حاجتنا لمصانع تنتج كل شيء, ابتداء من الآلات وانتهاء بورق الحمامات، نمتلك الجامعات والمعاهد العلمية ورغم ذلك ما زلنا نؤمن بالنظرية ونخاف التطبيق. ألم يتم اكتشاف مطعوم كورونا في مختبر خاص لعالم ألماني من أصل تركي؟. أنظروا كم سيدر هذا المطعوم على دولته؟. والمضحك أن دخلاً استثمارياً في فيلم سينمائي, قد يكون مجدياً أكثر من استثمارنا بعشرات المرات من مصانع خامات تملأ الأردن عرضاً وطولاً, بطريقة تقليدية (دولة الإنتاج لا دولة الإستهلاك) وللحديث بقية.