أثار انتباه البعض ان مصدر جميع الإحصاءات المتعلقة بانتشار فيروس كورونا في الولايات المتحدة الأميركية هو جامعة جون هوبكنز وليس وزارة الصحة الأميركية، وهذا دلالة حاضرة وواضحة على الأدوار التي تضطلع بها الجامعات والمعاهد البحثية في عملية إدارة الشأن العام، ومساعدة الدولة والمجتمع في تجاوز التحديات وتعزيز التنمية المحلية وابتكار الحلول والأفكار حيال المستجدات والمعضلات التي تواجها الدولة.
يوجد في جامعة جون هوبكنز كلية بلومبرغ للصحة العامة وهي أعرق كلية في العالم مختصة في مجال الصحة العامة، وتساهم كلية بلومبرغ في تقديم معلومات وتحليلات علمية في مجال الصحة العامة لجهات عديد في الولايات المتحدة الأميركية وكذلك مؤسسات عالمية على رأسها منظمة الصحة العالمية، وينسحب مثال جامعة جون هوبكنز في المساهمة في الشأن الوطني على الكثير من الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والبحثية في العالم وفي المجالات كافة.
تستند العديد من القرارات والمشاريع التي تتبناها الحكومات في معظم دول العالم الغربي للمعلومات والأفكار والحلول غير المسبوقة التي تحصل عليها من مراكز البحوث والدراسات في الجامعات، وهذا ما يجنب الإدارات الحكومية العشوائية والتخبط والوقوع في الأخطاء، كما يوفر الوقت والجهد المبذول من قبل هذه الإدارات للتعامل مع الأزمات، وتساهم الأفكار التي تنتجها الجامعات في تطوير بنية أجهزة الدولة وتنميتها والمساعدة في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية ملموسة.
عندما تنجح الجامعات في تحقيق أهدافها وتصبح مؤسسات بحثية وطنية رائدة يظهر جليا تأثيرها الإيجابي في المجتمع، وتصبح المرجع لدوائر الدولة ومؤسسات المجتمع في الحصول على المعرفة الجديدة والخبرة العميقة اللازمة للتعامل مع كل ملفات التنمية والتطوير.
في المقابل لا تقدم الجامعات التقليدية التي يقتصر دورها على التدريس أدواراً تنموية ملموسة، لذلك قد نشاهد اختلالات في شبكة الطرق وتوزيع الجسور وتنامي أزمات السير وارتفاع مستويات التلوث بجوار جامعة لديها كلية هندسة تضم أساتذة وباحثين مختصين، وقد تضم الجامعة كلية للعلوم التربوية وكلية للاقتصاد ويتنامى خارج محيط الحرم الجامعي لهذه الكليات تراجع مستوى التعليم وتدهور الاقتصاد، فهذه الجامعات قاصرة عن المساهمة في إدارة الشأن العام وإنتاج المعرفة التي تعمق الشراكة مع الدولة والمجتمع، وتشكل بعض الجامعات عبئاً إضافياً على الدولة، عدا عن عجز الكثير من الجامعات تجاوز الصعوبات والأزمات التي تظهر داخل الحرم الجامعي كالأزمات المالية والإدارية، والقصور في إدارة الأنشطة الطلابية.
Rsaaie.mohmed@gmail.com
مواضيع ذات صلة