عمان - غدير سالم
يصاب بعض الأشخاص بعصبية زائدة واضطرابات عند سماع بعض الأصوات، خاصة الصادرة من الفم، كالمضغ أو النفس أو السعال، أو أشكال أخرى كصوت الكتابة على لوحة المفاتيح وصرير القلم وتسمى هذه الحالة بمتلازمة حساسية الصوت الانتقائية، والتي يطلق عليها أيضاً الميزوفونيا.
والميزوفونيا تعرف بأنها اضطراب تؤدي فيه بعض الأصوات إلى ردود فعل عاطفية أو فسيولوجية معينة، وقد يراها البعض مبالغاً فيها وغير مناسبة للظروف، ولكن رد الفعل هذه يراها المصاب أنها لا شيء مقابل ما يشعر به، حيث يشعر بأن هذا الصوت يدفعه إلى الجنون، ومن الممكن أن تتراوح ردود الأفعال بين الغضب والإنزعاج إلى الذعر والحاجة إلى الفرار وترك المكان.
وقد ظهر مصطلح ميزوفونيا لأول مرة عام 2001 عندما أشار عالما الأعصاب الأميركيان باول ومارجريت جاستربوف إلى اضطراب كراهية الصوت، أي الحالة العصبية التي يصاحبها رد فعل سلبي تجاه أصوات معينة، مثل النقر بالقلم بصورة متكررة ومضغ الطعام والتنفس بصوت عال.
أخصائي الصحة النفسية الدكتور عمار التميمي يقول: بعض الأشخاص يتحسسوا من أصوات معينة ودرجة تحملهم لهذه الأصوات تكون مزعجة، وتحسسهم يكون لبعض الأصوات وليست جميعها مثل طعام معين كرقائق البطاطا والخيار والخس، وعندما يسمعوا هذه الأصوات يشعرون بالانزعاج لأن عتبة الإحساس لديهم تنزعج من هذه الأصوات وتسبب لهم القلق والتوتر والضيق.
ويبيّن التميمي أن: التفسير العلمي لهذه الحالة هو أن الجهاز العصبي يصبح لديه خلل في تفسير التحفيزات السمعية وحتى أحياناً البصرية، فيترجم الأصوات التي يتلقاها بطريقة مبالغ فيها حتى يصل الإحساس للشخص بإنزعاجه من تردد هذه الأصوات، وكثير من الأشخاص ينزعجوا من تكرارات معينة أو أصوات معينة ويكون لديهم دائماً حساسية لأي صوت يتعارض أو يتناقض مع عتبة السمع أو الحد الأدنى للأشياء التي تزعجه أو تسعده.
ويضيف التميمي: ان ردود أفعال الأشخاص تجاه الأصوات مبالغ فيها، وقد تظهر هذه المتلازمة في مرحلة المراهقة أو نهاية مرحلة الطفولة وقد تظهر في أي عمر، وعادة ما تبدأ الحساسية ضد صوت واحد ولكن سرعان ما يبدأ الشخص يعمم أصوات أخرى ربما متشابهة وكأن الشخص كلما تقدم في هذه المتلازمة يصبح لديه مجموعة من الأصوات مزعجة بالنسبة له.
ويبين الأخصائيين النفسيين أن هناك بعض الأعراض المصاحبة للميزوفونيا، وتشمل القلق، والشعور بانعدام الراحة، والرغبة في الهروب، والاشمئزاز، وفي الحالات الشديدة قد تشمل الأعراض الغضب، والكراهية، والهلع، والخوف، وربما القلق الاستباقي، وهو القلق قبل الدخول إلى مكان قد تسمع فيه إلى الأصوات المزعجة مثل المطاعم.
وعن طرق العلاج يوضح التميمي: لا يوجد طريقة علاجية شافية حتى الآن لعلاج الميزوفونيا، إلا أننا نستند على الأعراض التي تسبق الحساسية، فقد نقوم برفع مستوى الحدة وتعريض الشخص لأصوات معينة وتعليمه أثناء سماع هذه الأصوات وتكرارها أو إزعاجها أن يستلقي ويسترخي ويتنفس ويفكر بشيء مختلف حتى نحصل على استجابتين متناقضتين وهذا يخفف الحساسية التدريجية للإزعاج من هذه الأصوات.
ويضيف: ربما تساعد الأدوية النفسية في العلاج ولكنها لا تعمل على الحساسية بشكل مباشر بقدر ما تعمل على ردود الأفعال أو القلق أو الناتج عن هذه الأعراض، وأفضل الأساليب هي العلاجات السلوكية من خلال تعريض الشخص لأصوات مشابهة للأصوات المزعجة في أجواء تتسم بالراحة والإسترخاء وهذا يساعد الشخص أن يتخلص تدريجياً من هذه الأصوات، والهدف من هذه الأساليب السلوكية تعويد الشخص على سماع هذه الأصوات دون إنزعاج كأن يعتاد على سماع هذه الأصوات بحساسية أقل من الحساسية السابقة والمعتاد عليها.
وينوه التميمي أنه: لا بد أن نميّز بين الخوف المرضي والميزوفونيا والسبب أن هناك أشخاصا لديهم خوف شديد (فوبيا) من الأصوات المرتفعة وهذا مختلف عن الميزوفونيا، لأن الخوف المرضي يرتبط بتجارب شخصية للفرد نتيجة حروب أو صواريخ فينزعج من الأصوات العالية وهذه تجربة مكتسبة، لكن الميزوفونيا شيء مختلف تبدأ من مراحل نهاية الطفولة فيجب التنبيه للفرق بينهم.
ويؤكد الأطباء أن الإصابة بالميزوفونيا لا تعود لأسباب متعلقة بالأذن، بل هي تندرج تحت قائمة الأزمات النفسية والذهنية وأحياناً الحركية، حيث ترتبط بكيفية تأثير الأصوات على العقل، وكيفية تحفيزها للجسم لاحقاً على رد فعل، وهذا ما يربك بعض الأطباء احيانا عند فحص الاذن وخلوها من أي عارض واضخ فيتوقعون أن تتلخص الأزمة في معاناة المريض من القلق الزائد، أو حتى من اضطراب المزاج ثنائي القطب.
ومن الأصوات التي يتأثر بها المصاب بالميزوفونيا، الصوت المرافق لعمل الآلات الكهربائية، وصوت عقارب الساعة، وصوت قطرات الماء عندما يكون الصنبور معطل، وصوت مضغ الطعام القاسي أو مضغ الطعام مع فتح الفم، وصوت الشخير، وصوت التنفس السريع واللاهث، وصوت التنفس الخشن الذي يرافق حالات الرشح وانسداد الأنف، والضرب على الطاولة أو المقعد باليد أو بأي أداة، وصوت لوحة مفاتيح الحاسوب، وأي صوت رتيب والأصوات الهامسة، واحتكاك وتماس الأشياء والأدوات ببعضها.
الميزوفونيا.. عندما تثير الأصوات جنونك!
12:00 24-8-2020
آخر تعديل :
الاثنين