كتاب

(كورونا).. عولمة الأوبئة

عدم قدرة الدول والحكومات على منع تدفق الثقافات الأجنبية من جميع وجهات العالم، والحيلولة دون التأثير على الثقافة المحلية أو الوطنية يأتي من عوامل في مقدمتها تطور وسائل التواصل المادي «المواصلات الحديثة» أو الافتراضي «التواصل الرقمي»، ومع تسارع تطور هذه الوسائل والأدوات يوشك العالم أن يصبح ذا صبغة ثقافية واحدة.

تنتشر الأفكار والمعلومات وأنماط السلوك بين البشر بسرعة فائقة بسب تنامي التواصل الإنساني وعجز الدول أن تغلق حدودها وأجواءها عن الفضاء العالمي، فحاجة البشر لبعضهم البعض تزداد، وأصبح اقتصاد الدولة لا تتوفر له فرص الازدهار دون تبادل المعلومات والمواد والتواصل مع مجتمعات العلم والمعرفة في العالم.

لذات الأسباب ولزيادة الكثافة السكانية في العالم تزداد سرعة انتشار الأمراض والأوبئة، ففي فترات سابقة عبر التاريخ كان تأثير الأمراض المعدية محدوداً، وبطء الانتشار في معظم الحالات، في حين أنَّ انتشار الأوبئة هذه الأيام كالإنفلونزا الناشئة عن فيروس كورونا قد لا يحتاج أكثر من يوم واحد لينتشر في جميع دول العالم ويتسبب بكوارث بشرية عدا عن التأثير السلبي الكبير على اقتصاديات دول العالم وتفاعلاتها اليومية.

في الوقت الذي لم يتسبب الخوف من المساس بالثقافات الوطنية بإغلاق الحدود والأجواء أجبر فيروس كورونا المستجد الكثير من دول العالم على إغلاق حدودها ومنع مواطنيها من السفر إلى دول عدة موبوءة بالفيروس، ورفض دخول مواطني تلك الدول إلى أراضيها، والتضحية بخسائر مالية كبيرة خوفاً من انتقال العدوى أو زيادة عدد الحالات المصابة، ولم تنج من وباء الكورونا حتى الدول المتقدمة علمياً واقتصادياً، مما يشير إلى حاجة العالم والمجتمعات إلى تدابير وإجراءات تتخذ على نطاق عالمي وبصورة شمولية وليس كممارسات فردية حتى يستطيع العالم الح? من عولمة الأوبئة وأثارها الكارثية.

إذا نستطيع القول أنَّ التجربة العالمية إزاء كورونا باتت تفرض بناء وتطوير نظام صحي عالمي، واعتماد نظام إنذار مبكر يحد من انتشار الأوبئة ويتيح المجال لاتخاذ التدابير اللازمة للوقاية منها، كما يمكن للحكومات والمنظمات العالمية المهتمة بالرعاية الصحية الاستفادة من تجربة الصين في التعامل مع فيروس كورونا والإجراءات التي اتخذتها الحكومة الصينية إلى جانب سلوك المواطن الصيني وممارسات الوعي التي ساهمت في الحد من انتشار الوباء وتنامي عدد حالات الشفاء.

Rsaaie.mohmed@gmail.com