عززت زيارة جلالة الملك وخطابه في البرلمان الأوروبي المكانة الدولية للأردن والشراكة الاستراتيجية والتاريخية مع الاتحاد الأوروبي من خلال وضع المجتمعات الأوروبية وصناع القرار فيها أمام الأخطار الحقيقة التي تواجه دول الاتحاد بشكل خاص، والمجتمع الدولي بشكل عام، ومهددات الاستقرار الأمني والاقتصادي وتدفق موجات اللاجئين من مناطق الصراع في الشرق الاوسط وخاصة سوريا، وتحمل الأردن نيابة عن المجتمع الأوروبي العبء الأكبر منها في المنطقة، وكذلك مستقبل السلم العالمي اذا لم يتحقق حل عادل لقضية الشعب الفلسطيني.
لقد رسخ الملك القناعة لدى المجتمع الدولي بأن حل الدولتين هو الحل الوحيد لسلام دائم وعادل في الشرق الأوسط، حتى باتت رؤيته هذه مطلباً يتبناه القادة الأوروبيين والأميركيين والفلسطينيين والتيارات السياسية المعتدلة في إسرائيل لا بل لدى غالبية الإسرائيليين.
وقد أكد الملك أمام البرلمان الأوروبي، ومجلس النيتو، أن الأردن الشريك الصادق مع الاتحاد الأوروبي، والأكثر فهماً وإدراكاً في تقيم الأوضاع الشاملة في المنطقة، وأنه الحريص دائماً على وضع أصدقائه الأوروبيين بحقيقة الواقع والتهديدات والتحديات التي تواجههم استباقاً لأي حروب مستحدثة ستسبب بكوارث تقع على شعوب ومصالح هذه الدول والمصالح الدولية، لاتخاذ الإجراءات والمواقف التي تحمي المنطقة والعالم من هذه الأخطار.
كانت تساؤلات جلالته التي طرحها في خطابه في البرلمان الأوروبي تصب في هذا الاتجاه، ومحفزة لتنبيه تلك الدول والعالم للأخطار المستقبلية الهائلة التي تنتظر الإقليم وأوروبا والعالم إذا لم تعالج هذه المخاطر بتفكير عميق ورؤية ثاقبة وقيادة حكيمة.
إن الأردن شريك حقيقي وفاعل في الحفاظ علي الأمن الأوروبي من خلال دوره الرئيسي في التحالف الدولي لمحاربة الاٍرهاب والتطرف، الذي بات يجتاح منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا والدول الأوروبية والأميركية، وإن إعادة تمركز منظمات الاٍرهاب ومنها «داعش» في ليبيا وسوريا والعراق سيعزز انتشار وتوسع دائرة الاٍرهاب العالمي، وتهديد الامن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وأكد بأنه لن يكون هناك استقرار عالمي بدون استقرار الشرق الأوسط، وأن هذا الاستقرار مرتبط بحل عادل للقضية الفلسطينية، إذا أردنا النجاح في تحقيق السلام والاستقرار وتلاشي التطرف والإرهاب في هذه المنطقة من العالم.
لقد حظى الاردن مبكرا بثقة المجتمع الأوروبي لعدة أسباب جوهرية جعلت دول القارة الأوروبية تسعى لبناء شراكات استراتيجية مع الاردن، وتعززت الشراكة بشكل كبير بجهود كبيرة ومتواصلة يقوم بها جلالة الملك لتعزيز مكانة الأردن الدولية خاصة مع الاتحاد الأوروبي التي يجمع الأردن بها شراكة تاريخية لا بل أبدية بحكم الجوار والجغرافيا، كدول شريكة في حوض المتوسط أو (Mediterranean).
أسباب الثقة الكبيرة بالأردن تعود إلى عوامل متعددة، أهمها المصداقية السياسية الأردنية تجاه كل القضايا التي تواجه مجتمعات ودول الشرق الأوسط، فتاريخ السياسة الأردنية لم يشوبها النفاق والكذب، وبرهن الأردن على احترامه والتزامه الصادق بكل الاتفاقيات السياسية وعلى رأسها التزامه بمعاهدة وعملية السلام في الشرق الأوسط.
كل العوامل السلبية وعدم الاستقرار وعدم إيجاد حلول سياسية عادلة لقضايا المنطقة، هي الأسباب والعوامل التي تهيئ البيئة لإعادة انطلاق موجات جديدة وتنظيمات إرهابية مستنسخة عن «داعش» و«القاعدة» وأخواتهما، وان ذلك سيعمل بفاعلية أسوأ من ذي قبل، من حيث الأضرار على الأمن والعلاقات الدولية وعلى الاقتصاد العالمي.
الشراكة الأردنية الأوروبية ودعم الأوروبيين للأردن هو أهم عوامل بناء استقرار وأمان وسلام في المنطقة، وخاصة في مواجهة موجات اللاجئين ومكافحة الاٍرهاب والتطرف وتعزيز السلام والعيش المشترك والحفاظ على المقدسات في القدس الشريف رمز السلام والتعايش والمحبة.
مواضيع ذات صلة