كتاب

كنت سفيراً في اليمن (٢٠)

‏سأحاول أن اختصر كثيرا من المعلومات عن الفترة الأخيرة في اليمن نظرا لبدء تغير المشهد السياسي على صعيد القرار في السلطة ‏التنفيذية ولكن قبل عملية التغيير الحكومي، قابلت ‏المرحوم الأمير زيد بن شاكر في مكتبه في الرئاسة، و أعلمني برغبته إجراء تعديل على الحكومة، ‏‏ وأنه يطلب مني أن أكون ضمن الفريق الذي سيجري إدخاله الحكومة، قلت له في حينه، ‏ان موقعي كسفير أفضل من الوزير لسببين، الأول أن الوزارة حالة غير مستقرة ربما تكون بضعة أشهر، وتخضع لمزاج الرئيس، ‏والثانية أنا راتبي كسفير افضل وبخاصة أن هناك ديوناً علي تحتاج إلى سداد، لا استطيع أن أوفي بها من راتب الوزارة، فأجاب هذه ليست رغبتي فقط وإنما رغبة «سيدنا» وقال كان عندي مدير المخابرات مصطفى القيسي قبل قليل ربما تستطيع رؤيته اليوم، ‏وبالفعل اتصل معي المرحوم القيسي ورتب المقابلة، وكان نفس العرض، ونفس الجواب، وقلت إذا كانت هذه رغبة الجميع، فيسعدني ذلك، وبخاصة أن الأولاد كانوا في عمان، وتكفل الديوان مشكوراً، وبمساعدة من الدكتور خالد الكركي أن يستأجر لهم بيتا وخصصت سيارة مع سائق من الديوان مما اراحني ‏كثيرا وساعدني على اتخاذ القرار وتم تأمين مدارس لهم في دار المعارف.

‏كان الخلاف بيني وبين وزير الخارجية في حكومة أبي شاكر يتسع وكان محور الخلاف يتركز على عدة محاور، الأول خلاف سياسي في الرؤية إزاء الوحدة اليمنية والتي كانت بعض دول الخليج تقف منها موقفا ليس سلبيًا فقط وإنما عدائياً، والثانية إن تقاريري اليومية كانت ترسل مباشرة إلى جلالة الملك بناءً على طلبه و ‏عاتبني الوزير يا أخ فايز أنا وزير الخارجية لماذا ترسل التقرير إلى الديوان، فقلت له هذا طلب جلالة الملك وعليك الإتفاق معه، والثالثة ان الوزير ‏كان يحسبني على تيار سياسي، بدأ الخلاف مع هذا التيار لاحقا بشكل أوضح حتى أن الوزير لم يزر السفارة أثناء اجتماعات اللجنة العليا، وعندما رشحت للنقل من اليمن سفيراً إلى قطر من‏ قبل الرئيس كان جواب الوزير الذي وعده ينقله أما أنا فلا.

‏تغيرت الأحداث بسرعة وأصبح وزير الخارجية رئيساً للحكومة، وتغير الجهاز الأمني في موقع المدير، وكان هناك تناغم بين الرئيس ومدير الجهاز الجديد، ومع ذلك استمريت في العمل بنفس الروح، وبدأت التحضير لاجتماعات اللجنة العليا ولكن هذه المرة في عمان، وكان رئيس الوزراء اليمني المرحوم عبد العزيز عبد الغني، ‏وأريد أن اسرع في نقل الاحداث، حيث علمت من السفير الأميركي أنه كان هناك توجهاً لنقلي ولماذا كانت المعلومة عند السفير الأميركي لا أعلم، وكان لا بد أن أحضر اجتماعات اللجنة العليا في عمان، وبعد انتهاء الاجتماعات كان هناك ترتيب للقاء جلالة الملك في العقبة، وأبلغني مدير المراسم في حينها أن الرئيس يطلب أن لا تكون موجوداً بالاجتماع في العقبة، ‏سألته لماذا كان الجواب غير مقنع، حمولة الطائرة التي تقل الوفد إلى العقبة لا تتسع لراكب آخر، وللحديث بقية.