كتاب

الأونروا قنبلة مؤقتة

وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا), وهي وكالة غوث وتنمية بشرية أنشئت قبل سبعين عاما, تعمل على تقديم الدعم والحماية لأكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين لديها. والجزء الأكبر موجود في الأردن, ويبلغ عدد الطلاب الذين يدرسون في مدارس الوكالة في الأردن ما يزيد عن مئتي ألف طالب، ويبلغ عدد العاملين من كافة الفئات من معلمين وغيرهم، ما يزيد عن سبعة آلاف موظف، وجميع الكلف المالية بما فيها الرواتب تدفع من قبل الأمم المتحدة التي توفر تلك الأموال من خلال التمويل الدولي الذي يعتمد على الت?رعات من قبل العديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وكانت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية أكبر الداعمين لهذه المنظمة، والتصويت بالتجديد لعمل هذه المنظمة يتم في شهر ديسمبر كل ثلاث سنوات، أي لم يتبق إلا القليل للتصويت على التجديد للمنظمة.

يسعى العاملون في «الأونروا» الى القيام بإضراب عام للمطالبة برفع رواتبهم، ما بين مئة الى مئتي دولار. وكما يعلم الجميع فإن المنظمة تعاني من عجز مالي شديد يصل لأكثر من (90) مليون دينار، وبالتالي لا يمكن بحال من الأحوال تلبية مطالب العاملين، وكما هو معلوم فإن الدولة الأردنية (المضيفة للاجئين)، لا تتدخل بعمل المنظمة إلا في حدود التعاون والتنسيق فقط. فإذا ما تم هذا الاضراب من العاملين في هذه المنظمة فإن ذلك لا ينسجم مع إمكانية الاستمرار بل وتعطيل عمل المنظمة. فبدل أن يكونوا عوناً مع المنظمة يصبحون عبئاً عليها. إ? الأهم من ذلك الكارثة التي سوف تترتب على الأردن لا قدر الله، التي في حال إيقاف عمل المنظمة وعدم التجديد لها، فالدولة غير قادرة بالمطلق على استيعاب هذه الأعداد الغفيرة من الطلاب والعاملين، لا من الناحية المادية او اللوجستية، وفي حال قيام الإضراب، أصبح بمثابة قنبلة موقوتة في حضن الدولة. والغريب أن جهات تنظيمية حزبية عقائدية داخلية هي من تسيطر فكريا على إرادة القيادات العاملة في هذه المنظمة بالأردن، وهي من تدفع بهذا الإتجاه باعتقادها أنها تخدم اللاجئين بالضغط على المجتمع الدولي والدول المانحة، ولكن فليعلم هؤل?ء أن الأمور لا تدار بهذا الشكل، فإسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأميركية التي كانت تعتبر الداعم الأكبر للمنظمة، والتي أعلنت عن توقفها عن الدعم، تضغط باتجاه إلغاء الأونروا كجزء من صفقة القرن، والغاء حق العودة، فإذا ما تم الإضراب في الإردن وانتقل الى دول أخرى، سوف تكون ذريعة للأميركان للمطالبة بالغاء المنظمة. وهنا سوف تشكل بذلك كارثة اقتصادية وبشرية للأردن. وفي النهاية أتمنى على العقلاء ومن يحرضهم على تغليب لغة العقل، وإعادة النظر في موضوع الإضراب أو الاعتصام، وإلا فإن ذلك بمثابة قنبلة موقوتة سوف تنفجر?في وجه الجميع.