ترتبط ممارسة الرياضة بمستوى الصحة النفسية بعلاقة طردية، إذ كلما حرص الفرد على الالتزام بالنشاط البدني والتمارين الرياضية قابلته الغدد بإفراز هرمون السعادة كمكافأة، والعكس.
وأكدت أبحاث عديدة أهمية الرياضة كعامل مساعد ورئيسي في علاج بعض الأمراض النفسية أو الوقاية منها من خلال برامج رياضية منتظمة ترافق العلاجات الدوائية.
وقال د. عوني أبو حليمة أخصائي الأمراض النفسية: عند ممارسة الفرد للتمارين الرياضية يقوم الجسم تلقائياً بإفراز عناصر كيمائية تؤثر على الحالة المزاجية للإنسان وتساعد في علاج بعض الأمراض مثل الاكتئاب، والرياضة عامل مساعد للعلاج بالإضافة إلى الأدوية والسبب الرئيس والفعّال لإزالة التوتر وتفريغ المشاعر السلبية التي إذا ما استمرت تولد منها أمراض وأعراض نفسية مثل الاكتئاب.
وأضاف أبو حليمة: يتم الطلب من المرضى المراجعين في بعض الحالات ضرورة ممارسة التمارين خصوصاً في فترة الصباح ولو لمدة قصيرة، ولكن شريطة مراعاة أن يختلف تعامل الطبيب وتشخيصه لحالة المريض ما بين الرياضي عن غيره.
وبدوره قال د. عايد زريقات أخصائي الصحة النفسية في كلية التربية الرياضة بالجامعة الأردنية: عند ممارسة الأنشطة الرياضية تفرز الغدد هرمونات السعادة «السيرتونين والأندروفين» وهي مسكنات ألم طبيعة يفرزها الجسم بعد ممارسة أي نشاط رياضي ويشعر الفرد بعدها بنوع من السعادة ما يؤدي إلى تحسين المزاج وبالتالي الابتعاد عن الشعور بالضيق النفسي، كما أثبتت الدراسات أن طرق حل المشاكل الاجتماعية بعد ممارسة الرياضة تختلف عما قبل ذلك من حيث طريقة تعاطي الفرد مع المشكلة وإيجاد الحلول لها.
وكشف زريقات عن مكتسبات عديدة تعمل على تحسين الصحة النفسية للفرد عند ممارسة الأنشطة الرياضية المختلفة منها: تحسين المزاج وتنظيم عمل الهرمونات وأدائها وتحسين العلاقات الاجتماعية والابتعاد عن الروتين والملل وتقلل من الإنطوائية وتعزز الثقة بالنفس.
وزاد: قمت بإجراء دراسة سابقة على مرتادي مدينة الحسن الرياضية في إربد على مدار أربع سنوات وأثبتت الدارسة أن أعداد المرتادين كان بتزايد مستمر كل عام، وتنوع الإقبال ما بين رياضيين وأشخاص عاديين، وكان أحد أسباب زيادة الأعداد بالإضافة إلى جمالية المكان ومساحات المشي المخصصة هو توصيات الأطباء لهؤلاء الأشخاص بأهمية ممارسة التمارين اليومية بسبب أمراض السكر أو ارتفاع الضغط وتراكم نسبة الدهون.
واعتبر زريقات أن للإعلام دور رئيسي في تبيان الآثار الإيجابية للرياضة على الصحة النفسية والبدنية مشدداً على ضرورة الوصول إلى مرحلة يتم خلالها صرف الوصفات الطبية بالتزامن مع تعليمات ممارسة التمارين الرياضية كنوع مساعد مع العلاجات الدوائية.
كما أشار زريقات إلى دور الرياضة الكبير والأساسي في علاج مرضى التوحد عبر المجموعات التي تعمل على كسر الحواجز والتفاعل مع الآخرين.
واتفق أخصائي الصحة النفسية في الهيئة الطبية الدولية د. عمار التميمي مع ما سبق وزاد: للرياضة تأثير قوي في تعزيز الصحة النفسية ولو بأبسط أشكالها مثل رياضة المشي أو تمارين الاسترخاء العضلي والتأمل «اليوجا» التي تعتبر شكلاً من أشكال الرياضات الروحية التي تعمل على تناغم الجانب النفسي والجسدي والروحي.
وأضاف: وبما أن تكوين الإنسان عبارة عن فكر وسلوك ومشاعر ولما يتعرض له من ضغوط نفسية متراكمة وتوتر لأسباب عديدة، فيجب أن يكون هناك متنفساً لهذه الضغوط أولاً بأول والرياضة تعتبر العلاج المكمل بمعية الأدوية لكثير من الأمراض لأنها تعمل على تجديد الطاقة في الجسم.
وتابع التميمي: تساهم الرياضة بسمو النفس وتزيد من ثقة الفرد بنفسه لأن صورة جسد الإنسان الخارجية تنعكس على صحته النفسية ومفهوم الإنسان عن ذاته يأخذ بُعدين؛ الأول معنوي ويتمثل بما يحمل من أفكار واتجاهات وقيم عن ذاته، والثاني جسدي يكمن بمدى رضاه عن شكله وطوله ولون بشرته.
واعتبر التميمي أن للوزن الزائد أثراً كبيراً في نظرة الإنسان لذاته وتنعكس على صحته النفسية، «الأشخاص الذين يعانون من السمنة تجد أن تقديرهم لذاتهم منخفض ويتجنبون الاحتكاك مع الآخرين والانسحاب وعدم الاختلاط الاجتماعي، و في هذه الحالة تعتبر الرياضة أحد الوسائل العلاجية الفعّالة كما أنها تقلل من حالات التوتر.
أما د. نور العيسى أخصائية فسيولوجيا السباحة فقد أكدت أن للماء تأثيرات كبيرة على الجانب النفسي؛ أهمها وجود موجات ألفا بين مكوناته والتي تعتبر أعلى موجات للطاقة في الجسم ولها تأثير على الخلايا العصبية وعلى ملايين الخلايا في الجسم يتم من خلالها تبادل الإشارات العصبية التي تحدد وتؤثر في حركة الإنسان ومزاجه وطريقة تفكيره.
وأوضحت أن ممارسة التمارين في الماء يوفر بيئة من الاسترخاء للفرد وينشط الدورة الدموية، وفي الوقت ذاته يؤثر أداء الرياضة داخل الماء بمقاومات عالية على حالة العضلة بشكل إيجابي، إذ كل تمرين داخل الماء يعادل 42 تمريناً في الهواء الطلق كما حدده العلماء.
وأضافت العيسى: هناك تأثير كبير وقوي عند ممارسة السباحة على الحالة النفسية وتلعب درجة حرارة الماء دوراً كبيراً في الوصول إلى عمق الأنسجة، حيث درجات الحرارة المنخفضة تؤثر على أصحاب الأمراض النفسية أكثر من درجات الحرارة المرتفعة، باعتبار أن الماء الدافىء يتعامل مع السطح الخارجي ولا يمتد إلى داخل الأنسجة العضلية والأعصاب.
وختمت: وقت ممارسة الرياضة مهم للصحة النفسية كذلك، وأثبتت الدراسات أن الوقت المفضل للسباحة من الرابعة فجراً وحتى الثامنة لما في ذلك من فائدة لمقاومة الأمراض ورفع قدرة الجهاز المناعي ومنها النفسي.
ممارسة الرياضة والصحة النفسية.. علاقة طردية
12:00 2-10-2019
آخر تعديل :
الأربعاء