أبواب

التعامل الأمثل مع الطفل الفضولي

يعد الفضول سمة بارزة في فترة الطفولة، حيث يسعى الطفل لاكتشاف ما يدور حوله وكيفية عمل الأشياء، و معرفة كل ما يرونه أو يسمعونه أو يشعروا به، فعقلهم الصغير يريد أن يستوعب عالمنا الكبير؛ ومن هنا تأتي الأسئلة التي لا نهاية لها والتي يمكن أن تتحدى معرفتنا وصبرنا.

وتعد كثرة أسئلة الطفل وتلهفه لمعرفة ما يدور حوله مؤشراً على ارتفاع درجة ذكائه، وهو ما أكدته دراسة حديثة، أشارت إلى أن فضول الطفل قد ينم عن ذكاء خارق، حيث وجد باحثون في جامعة كاليفورنيا الجنوبية، أن الأطفال الذين كان لديهم فضول وهم في سن الثالثة من العمر واندفعوا للتساؤل باستمرار، سجلوا درجات أعلى في اختبارات الذكاء بحوالي 12 نقطة.

ويعرف استشاري العلاج النفسي الدكتور عبد الله الرعود الطفل الفضولي بأنه: «طفل يمتاز بقدرة عقلية عالية (ذكاء مرتفع) ومستوى عالي من الثقة بالنفس، ويحتاج إلى أسلوب تربية خاصة مرهقة بالإضافة إلى متابعة مستمرة فهو يمتلك ذكاء فطري وعقلية عالية على التطور والنمو السريع في فترة الطفولة، وهو طفل لديه حب المعرفة واكتشاف المحيط من حوله ومعرفته بشكل دقيق».

ويرى الرعود أن: «إمكانية أن يكون الطفل الفضولي عبقرياً عالية إذا تم تنمية قدراته وإشباع فضوله بطريقة سليمة علماً بأن التعامل معه بطريقة سيئة تؤدي إلى نتائج سلبية، فالفضول عادة يرتبط بالفراغ لذلك يجب العمل على إشغال الطفل».

وعن طرق التعامل مع الطفل الفضولي يقول: «من الأساليب التربوية التي على الأهل اتباعها مع الطفل بشكل عام أن يتعلم الطفل أدب الحديث والإستئذان قبل عمل أي شيء أو التدخل في أي حديث، عدا أن هناك أموراً على الطفل أن يعلمها بأن له عالمه وأن للآخرين خصوصية لا يجب أن يتدخل فيها، وأن يعلم الطفل أنه ليس من الضرورة الإجابة على كل سؤال يطرحه، بالإضافة إلى ضرورة عدم استخدام الكذب عند الإجابة على الأسئلة واستخدام اللباقة والذكاء والإعتدال في الإجابة».

ويضيف: «وعندما لا يتوفر إجابة حول سؤال ما على الوالدين إعلام الطفل بذلك، عدا عن ضرورة استخدام أسلوب النمذجة لأن الطفل مقلد جيد فلا نستخدم كأب أو أم أسلوب الفضول مع الآخرين، وعلينا التفريق بين الفضول ومحاولة التعرف لأن فيها درجة من الإيجابية تزيد عن الفضول، والابتعاد عن زجر الطفل وإهمال فضوله حتى لا يلجأ للآخرين الغرباء أو اللجوء للعنف والتخريب، وعدم إدخال الطفل في متاهات ومحاولة المماطلة في عدم الإجابة عن تساؤلاته لأن الطفل لا ينسى اذا امتنع الوالدين عن الإجابة مما يدفعه للبحث عن الإجابة من خلال الآخرين أو?من خلال العدوان والتخريب والتدخل في كل شيء».

ويلفت الرعود إلى أنه: «أحيانا قد يلجأ الطفل للتساؤل كرد فعل للخوف، وطريقة للتعرف على المحيط المجهول لذلك يجب إجابة تساؤلاته حتى لا تتكون لديه شخصية عصبية لديها درجة عالية من القلق والخوف، عدا عن ضرورة الإهتمام بالإجابة عن فضول الطفل لبناء وتقوية الثقة بالنفس لديه ورفع مستوى تقديره لذاته وأن تكون الإجابة عملية تطبيقية حتى يستوعبها الطفل».

ويشيرإلى أن: «الإجابة المنطقية للطفل تعمل على توسيع مدركاته والتوازن النفسي لديه، وبناء الثقة بالنفس وتنمية التفكير العقلاني الإبداعي، وإخراج أصل الموهبة والكشف عنها، لأن سبب فضول الطفل يعود الى أن هناك أموراً تشغل عقله وتفكيره يريد تفسيرها ومعرفتها، كما أن معرفة العالم المحيط يشغله ويجعله كثير التساؤل».

التربوية المتخصصة في مجال الإرشاد والصحة النفسية نجوى حرز الله تقول: «العديد من الأهالي يطلقون على الطفل الفضولي بانه (طفل حشري)لأنه يتدخل ويسأل عن كل شيء، ولكن على الأهل أن يعوا بأن الطفل الفضولي هو الطفل الذكي اليقظ لكل شيء حوله فيسأل عنه، والفضول عند الطفل إما أن يكون بطريقة الفعل أي يقوم بالبحث عن كل شيء بالخزائن أو الأدراج لمعرفة ما تصل إليه يديه، أو أن فضوله بالقول ويكون على شكل أسئلة».

وترى حرز الله أن: «على الأهل أن يتحلوا بنفس طويل للإجابة على أسئلة الطفل الكثيرة، وأن يكون لديهم معرفة قوية للإجابة على الأسئلة، لأن فضول الطفل يتكون نتيجة رغبته في الإستكشاف وذلك لنمو عقله، وأحياناً يشارك الحديث للفت الإنتباه وأنه موجود وأن لديه القدرة على الكلام ويجيد النطق ».

وتشير حرز الله إلى أنه: «علينا أن ندرك بأن الطفل الفضولي هو طفل ذكي يثق في نفسه وعندما نجيب على أسئلته فنحن نعزز الثقة لديه خاصة إذا قمنا بإعطائه معلومة صحيحة ومفيدة له، وعلينا أن نتعامل معه بطريقة ذكية ولا يقتصر الأمر فقط على إجابة الأسئلة بل علينا أن نثري بيئته لتزيد لديه الرغبة بالمعرفة، وأن لا نستخف بأسئلته فمهما كانت سخيفة بالنسبة لنا فهي مهمة جداً بالنسبة له ونحن من نعطيه الأهمية من خلال ردة الفعل».

وتلفت إلى أن: «في حال لم يستطيع الأهل معرفة الإجابة عليهم إخبار الطفل بذلك وأن يقولوا له سنبحث مع بعضنا عن الإجابة، فمجرد إعطاء أهمية لسؤاله نحن نعطيه إهتمام كبير حتى لو لم تكن هناك إجابة لسؤاله».

وترى حرز الله أنه: «على الطفل أن يعلم بأن ليس كل شخص تسأله عليه الإجابة فمن حق الآخرين عدم الاجابة على اسئلتك، وبأن هناك أوقات مناسبة للأسئلة وأوقات غير مناسبة، ٫ولكن تركيزنا بالإجابة على أسئلة أطفالنا هو أن يأخذوا المعلومة بطريقة صحيحة وعلمية منا أفضل بكثير من أن تكون الإجابة من مصدر لا نثق به، ولأنه فضولي فإنه يسعى للمعرفة من أي مصدر فيجب أن يكون الأهل مصدره وثقته».

وأكدت دراسة طبية حديثة أن الأطفال الفضوليين هم الأفضل أداء في المدرسة، فقد توصل باحثون بالولايات المتحدة إلى أن معدلات تركيز الأطفال الفضوليين أعلى في الصف الدراسى، وبالتالى فإن أداءهم أفضل في اختبارات القراءة والرياضيات، وعلى الرغم من أن الأطفال الذين ينحدرون من خلفيات بيئية أقل حظاً يميلون إلى التفوق الدراسي، إلا أن البحث وجد أن الأشخاص الذين يسألون كثيراً عما حولهم يكون أداؤهم الدراسي جيداً مثل أقرانهم من الفقراء.