إن فكرة المتسوق الخفي من الأفكار التي تهدف إلى التأكد من جودة وسلامة الخدمات التي يقدمها الموظفون العاملون في الدوائر والمؤسسات الحكومية للمواطنين. وتنفذ هذه المهمة شركة متخصصة تقدم تلك الخدمات وفقاً لمنظومة علمية تقوم على مراجعة وتقييم موضوعي ودوري وسري للخدمات والإجراءات، ومستوى أداء العاملين داخل الجهة المستهدفة، والتاكد من مطابقتها للأسس والمعايير والأنظمة المعمول بها. ويتم تقييم عمل تلك الجهات والمؤسسات المستهدفة وفقاً لبرنامج واستبيانات تقييم معدة لهذه الغاية، ويطبق البرنامج على مراحل للتأكد من مصداقية النتائج التي تم التوصل اليها.
لقد شاهدنا عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة رئيس الوزراء يقوم شخصياً بزيارة بعض الدوائر الخدماتية المختلفة، وظهر ما بين موبخ ومحذر للجهات التي ثبت تقصيرها وحصولها على تقييم ضعيف، من قبل المتسوق الخفي، وشاكراً التي ثبت التزامها بجودة المعايير التي تم القياس عليها.
على الرغم من أن فكرة المتسوق الخفي، لاقت استحساناً كبيراً من قبل المواطنين، وجعلت جميع العاملين في الدوائر الحكومية في حالة استنفار وترقب مستمر، خوفاً من زيارة المتسوق الخفي، إلا أن هناك حلقة مفقودة، تتعلق في ثلاثة محاور أساسية لا بد من العمل عليها بالتزامن مع هذا المشروع وهي أولاً: إعادة تأهيل وتدريب العاملين في تلك الجهات لمفهوم (الحقوق والواجبات)، و أن ما يقدمه هو حق للمواطن، وأن ما يتقاضاه من راتب يؤخذ من المواطن على شكل ضرائب ورسوم مختلفة للدولة الذي ينعكس عليه على شكل خدمات يستفيد منها. أما المحور الثاني: فهو توفير الدولة لكافة المسلتزمات المادية والمعنوية للوصول إلى النتيجة المطلوبة، وإلا فلا يمكننا إلقاء اللوم على العاملين عند تقصيرهم، أو ضعف الخدمات التي يقدمونها. أما المحور الثالث و الأهم فهو تطبيق المفهوم العلمي لما يسمى (فن التواصل والاتصال) ما بين السائل والمسؤول. فلقد خضت تجربة عملية في هذا المضمار، أثناء عملي في ديوان المظالم فكثير من الشكاوي التي كانت ترد للديوان كان سببها عدم ايصال الموظف للمواطن المعلومة الدقيقة وشرحها بطريقة صحيحة، يوضح من خلالها الأسباب القانونية لعدم إمكانية السير بمعاملته، أو ما هي الإجراءات اللاحقة، وما يرافقه من تصرفات الموظفين السلطوية والعصبية، والنظرة الفوقية بالتعامل مع المراجعين، فيخرج المواطن في حيرة من أمره، فهو لا يعلم ولا يفهم لماذا وماهي النتيجة التي وصل اليها، و يخاف أن يذهب للمسؤول الأعلى إن سُمح له بذلك، والذي قد يكون على شاكلة موظفيه، وتكون النتيجة أنه لم يثق بالمعلومة التي أخذها من الموظف ولم يستطع إيصال شكواه لمن هو أعلى منه. وبالنهاية أقول إننا بحاجة إلى إقتناع الموظف أن ما يقدمه واجب، والأهم أن يعلم المواطن أن ما يطلبه حق.
مواضيع ذات صلة