...الحكومة الصالحة هي وصف مقياسي لكيفية تشكيل الحكومة، وتم استخدامه بشكل متكرر من قبل العديد من المفكرين السياسيين والأيديولوجيين والسياسيين، وقد أشار توماس جيفرسون الرئيس الراحل للولايات المتحدة الأميركية إلى مصطلح الحكومة الصالحة، من خلال توضيحه» أنه يجب الحكم على الحكومة من خلال مدى وفائها بأهدافها المشروعة، وبالنسبة له، كانت الحكومة الجيدة هي التي تُؤمّن حقوق الناس ومكافآت عملهم بشكل أكثر فاعلية، مما يعزز سعادتهم ويُفعّل إرادتهم أيضًا». إن توفير الرعاية الجيدة والسعادة للإنسان هو الهدف الشرعي الوحيد للحكومة.
... وقد تم استخدام الشعار السياسي «الحكومة الصالحة» في البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ويظهر في المبدأ السياسي الكندي «السلام والنظام والحكومة الصالحة». ومثل العديد من الشعارات السياسية الأخرى، فإن معناها ليس حرفيًا، ولكن تم بناؤه للتعبيرعن موقف حزبي معين، بدلاً من أن يكون عبارة شائعة اكتسبت معنى أكثر غموضًا من خلال العقلية العامة، وجاء تعبير الحكومة الصالحة إلى حيز الوجود، من قبل تلك الجماعات السياسية التي كرهت نتائج توسيع الامتياز السياسي للحكومات، والذين أرادوا إخراج هؤلاء الأشخاص من مناصبهم، ومن الأمثلة على استخدامها في الولايات المتحدة الذين عارضوا نقل السلطة إلى المهاجرين الأيرلنديين.
...والحقيقة أن الحكومة الصالحة التي نقصدها هنا في هذه المقالة، هي حكومات الاحزاب، وليست الحكومات المُعيّنة، والفرق ما بين الحكومة والحكم، هو أنه بمقدار ما كانت الحكومة تطبق معايير الحكم الرشيد والصالح، كلما كانت فرصتها في البقاء في الحكم أطول وأنجح، ومن أهم مواصفات الحكم الرشيد؛ إنها قائمة على المشاركة، وموجهة نحو التوافقية في الآراء، وخاضعة للمساءلة، وشفافة، وسريعة الإستجابة، وفعالة، وكفؤه، ومنصفة وشاملة، وتتبع حكم القانون. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل الحكومات على إختلاف أشكالها تُطّبق هذه المعايير وتأخد بها؟!
...وأخيراً، أعتقد أنه من واجب الشعوب محاسبة حكوماتها أيضاً بناءً على هذه المعايير، ومراقبة هذه الحكومات في ما تحاول الوصول اليه، وقراءة أهدافها وكيفية تطبيق هذه الأهداف، وكيفية الحصول على أكبر قدر ممكن من تحقيق السعادة للناس، وتأمين الحياة الكريمة لهم، وأن لا ينخدع الناس بالشعارات، فالشعارات من السهل إيجادها، وتلميعها، ولكن من الصعوبة بمكان تطبيق هذه الشعارات على الأرض، إلا إذا كانت الحكومة قادرة ولديها الكفاءة والفاعلية لتحقيق مثل هذه المعايير، ونحن نتطلع لحكومات تكتشف لنا الداء، وليس أعراضه!.
drfaouri@yahoo.com
مواضيع ذات صلة