كتاب

وسائل التواصل الاجتماعي.. والشفافية؟!

.. يقول مارك زوكربيرغ مؤسس موقع Facebook «إعطاء الناس القوة للمشاركة، يعمل على جعل العالم أكثر شفافية». مما لا شك فيه أن وسائل التواصل الإجتماعي تجعل من السهولة بمكان للناس المشاركة والنقاش حول القضايا المختلفة، وأن يكون لها صوت مسموع في الحكم، وجعل القادة مسؤولين عما يرتكبونه من أفعال و أقوال.

ولا أحد ينكر أهمية الدور الذي لعبته وسائل التواصل الإجتماعي في الربيع العربي عام 2011، والتي في حينه، أطلقوا عليها تكنولوجيا التحرير. وكذلك مؤخرا ما حصل في الانتخابات الاميركية، وذلك من خلال التدخل الأجنبي في هذه الانتخابات عن طريق التكنولوجيا التي كانت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إن مثل هذا التدخل كان له أكبر الأثر في الحياة السياسية، والتأثير فيها بشكل واضح وفاضح.

فعلى سبيل المثال الهدف من «فيسبوك» في الأساس كان لربط الأصدقاء والعائلات اجتماعياً من خلال التواصل فيما بينهم، وقد تم تجاوز ذلك، الى توجه الكثير منهم الى تحويل مواقعهم الى قنوات سياسية تحتوي على كثير من الخطأ والتجني وإغتيال الشخصية، وذلك من خلال العديد من الصفحات التي اصبحت مشهورة على الرغم من انها مزيّفة وأصحابها في أغلب الأحيان مجهولون. ولكن العديد من منظمات حقوق الإنسان، عادة ما تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لنشر رسائلها التعليمية حول العالم، وهنا يُطرح التساؤل التالي؟! وهو كيف سيؤثر هذا النوع الخاطئ من الشفافية لمواقع التواصل الاجتماعي على هذه المنظمات التي تنشط في مثل هذا الحقل الإنساني المشّرف؟!

...لقد كانت التغريدة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على النائب المسلمة في الكونجرس الأميركي السيده الهان عمر (المسلمة والمتحجبة ومن أصول صومالية ولاجئة) مؤخراً، أن وسائل التواصل الاجتماعي أمطرتها بأقبح الشتائم العنصرية، وحتى الى تهديدها بالقتل! أما بالنسبة للنائب المسلمة في البرلمان الأسترالي السابقة، مهرين فاروقي (المسلمة ومن أصول باكستانية) كانت قد أًمطرت بالسباب والشتم لمجرد إشاعة تقول إنها كانت قد رفضت وضع إكليل من الورود في يوم وطني للدولة بمناسبة ذكرى ما هناك..(إشاعة).

...وأخيراَ، لعل من أهم الإنتقادات لوسائل التواصل الإجتماعي، أنها تُعّرضنا لوجهات نظر وآراء نوافق عليها باختيارنا، وهي تختلف عن الوسائل التقليدية في ذلك، التي تطرح وجهة نظر وآراء نوافق عليه بالإجماع، كونها المصدر الوحيد للتعبير عن وجهة النظر الرسمية، ولكن فقدان الثقة بها جعل الكثير يتجه لوسائل التواصل الاجتماعي، لأخذ ما ينسجم مع ميوله وأفكاره، وبالرغم من عدم الإحترافية والشفافية للكثير ممن يملكون مثل هذه المواقع، وكذلك وجود أموال قذرة تُمّول الكثير منها، والتي لها أهداف وأغراض مخفية لا يستطيع الشخص العادي فهمها، ويمكن من خلالها نشر الإشاعة والفوضى في المجتمعات، وتهديد الأمن السلمي فيها.

drfaouri@yhaoo.com