منذ زمن وجلالة الملك عبد الله الثاني يؤكد على بعدين أساسيين الأول موضوعي ينبع من أهمية مؤتمر لندن للمانحين واستحقاقاته الاستثنائية وأنه لن يكون مؤتمراً تقليدياً أو مكرراً من حيث الشكل والنتائج. ذلك لأن هذا المؤتمر يأتي بعد تحول اقتصادي مهم أفرزته نتائج قمة مكة الاقتصادية وشهادة صندوق النقد الدولي وهي عبارة عن ضمانة اقتصادية على أن الأردن قد نجح في تنفيذ الاستحقاقات التشريعية والاقتصادية وأن خطواته نحو الإصلاح الاقتصادي تسير في الطريق الصحيح والتي تؤهله لاستقطاب الرساميل والمنح والمساعدات المالية لتمكينه من معالجة مشكلة اللاجئين السوريين والذي يقدر عددهم بمليون وستمئة ألف لاجئ. حيث قدمت الكويت (500) مليون دولار وديعة في البنك المركزي الأردني، و(500) مليون دولار كبرنامج إقراضي على مدى خمسة أعوام أما المملكة العربية السعودية فقد قدمت و(333.3) مليون دولار وديعة في البنك المركزي، و(250) مليون دولار على مدى 5 سنوات، ومثلها قدمت دولة الإمارات العربية.
أما البعد الآخر فهو يتمحور حول العامل الذاتي ونعني هنا التحضير والإعداد المتقن من قبل الحكومة والقائم على تقديم مشاريع ومبادرة اقتصادية واضحة المعالم وجدوى اقتصادية قابلة للتطبيق للمشاريع التنموية القادرة على النهوض بأوضاع اللاجئين السوريين ومجمل الاقتصاد الأردني والذي هو الرافعة الحقيقية لرفع مستوى الخدمات المقدمة للأخوة السوريين.
لقد قامت حكومة رئيس الوزراء عمر الرزاز بجهد كبير في هذا المجال وخاصة عندما عقدت اتفاقيات غير مسبوقة في التعاون الاقتصادي مع الجمهورية العراقية الشقيقة ومثلها مع دولة الكويت والتي كانت وما زالت داعما استراتيجيا للأردن في كل المجالات والترتيبات المرتقبة مع الجمهورية العربية السورية بعد فتح معبر نصيب وتهيئة البنية الداخلية في إنجاز مشروع ضريبة الدخل والحفاظ على سمعة الأردن كواحة للاستقرار والأمن السياسي والاقتصادي كل تلك الخطوات توحي أن مؤتمر لندن لهذا العام سيشكل منعطفاً حقيقياً من أجل دعم الاقتصاد الأردني وأن كل الظروف مواتية لتحول اقتصادي ناجز ينعكس على معيشة الأردنيين من خلال جذب الاستثمارات مما يخفض من مستوى البطالة والفقر ويمهد لمرحلة جديدة من النمو الاقتصادي.
إن ذلك يتأتى من خلال تبني وتطبيق المبادرة الأردنية الشاملة للمؤتمر والقائمة على إحلال الاستثمارات الإنمائية والاقتصادية بدل المنح والهبات من أجل استثمار مستدام لا يرتهن بالتحولات السياسية الداخلية أو الخارجية أو الاقتصادية للدول المانحة، ويعطي أملاً في العيش الكريم للاجئين من خلال توسيع دائرة العاملين في هذه المشاريع من اللاجئين ويساعد هذه الدول على تحمل أي امتدادات زمنية لحل الأزمة، وهو لأن حل أزمة اللاجئين ليس لها بعد زمني محدد فهي مرهونة بتطورات سياسية واجتماعية وأمنية.
السؤال الكبير هل وضعت الحكومة خطة متكاملة من أجل التوظيف الحقيقي والفعال لهذا المناخ الإيجابي الداعم للأردن من خلال المباشرة في بناء قاعدة مصرفية ومالية توظف هذا الدعم وتوجهه إلى مشاريع اقتصادية وإنمائية تنعكس بشكل مباشر لرفع مستوى المعيشة للمواطن الأردني وتجعله يتنفس الصعداء ويخرج من حالة العوز والفقر التي ساهمت أزمة اللجوء السوري في تعميق أزمته الاقتصادية، وأثرت بشكل مباشر على أوضاعه المعيشية اليومية. كل ذلك دون التراجع عن ثوابته السياسية والقيمية،ودون الرضوخ بأي شكل من الأشكال إلى مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية من خلال رفض التعاطي لا من قريب ولا من بعيد مع ما يسمى «صفقة القرن» التي تهدف إلى الالتفاف على الحقوق الفلسطينية وتهدد المملكة الأردنية الهاشمية وجودياً.
مواضيع ذات صلة