كتاب

عيد الجلوس الملكي والوعي الجمعي

تصادف ذكرى عيد الجلوس الملكي في 7/ فبراير والمرؤ يتساءل عن انعكاسات تلك الذكرى على منظومة الوعي الجمعي الأردني والتي لا تقرأ من زاويتها الصحيحة وهي زاوية التأثير الحقيقي والمباشر على الوعي الجمعي الذي انعكس بشكل مباشر على مفردات ومصطلحات وممارسات الشعب الأردني والتي أضحت جزا لا يتجزأ من حركته وحراكه وتفاعله اليومي في شتى المجالات وفي كل المحاور وهو ما لم يسلط عليه الضوء وذلك لتدرجه وتسربه الى بنيته العقلية الجمعية الأردنية بشكل لم يلاحظ من قبل المراقبين ولم يتطرق له كثيرون رغم أهميته القصوى في بناء الأردن الحداثي المعاصر وكان الرديف الحقيقي والمساهم الفعلي في تطوير هذا الوعي يعود بالأساس الى البنية الفكرية والفلسفية السياسية والاجتماعية لجلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله.

هذه المساهمة ذات التأثير المباشر قد اسندها نظريا الأوراق النقاشية السبع متكاملة مع الكم الهائل من الخطابات والمقالات واللقاءات الإعلامية والتي رسخت بدورها تطوير ذلك الوعي حتى أضحت مصطلحات مثل الإصلاح السياسي الشامل والديمقراطية وحقوق الانسان ومؤسسات المجتمع المدني والحكومات البرلمانية واللامركزية كل تلك المصطلحات التي كانت هي حكرا على قوى اليسار في ادبياتها الداخلية والنظرية أصبحت اليوم ممارسة عملية تتدرج من خطوة الى خطوة وبشكل لا يصنع ولا يؤسس لصدمة للوعي الجمعي ولكنه طبق ولا بحدوده الدنيا من خلال الممارسة الفعلية والعملية ولا مكان هنا لحصر كل تلك الإنجازات والتي تتجلى اليوم في مرحلتها ما قبل الأخيرة في محاربة الفساد والمحاصصة حتى الوصول الى المرحلة القادمة من عملية التطوير والتحديث تحت شعار استكمال مهام التحول الديمقراطي فيوم الثلاثاء الماضي وحين برزت قضية التعينات في المناصب العليا والتي أقدمت عليها حكومة رئيس الوزراء عمر الرزاز والتي أيضا اثارت جدلا في مواقع التواصل وبين النخبة الأردنية تدخل جلالة الملك بلقاء مع حكومة الرزاز منوها الى ضرورة مراجعة تلك التعيينات فتعيين أربعة من اشقاء أعضاء بالمجلس التشريعي أي النواب قد طرح علامة استفهام حول مفهوم تبادل المنافع والتواصل الغير منطقي بين السلطتين فتدخل جلالة الملك جاء نتيجة طبيعية للأهداف التي حددها جلالته من خلال ورقته النقاشية السابعة حول المحسوبية والتقاسم الوظيفي والمنافسة الشريفة والعدالة في توفير الفرص بالكوادر الأردنية القادرة على حمل رسالة النهوض الشامل.

وهذا يطرح سؤالا عميقا وهو بنفس الوقت جوابا ذو دلالات ان أسباب التأخير للتحول الديمقراطي والإصلاح الشامل لا يعود فقط الى الظروف الموضوعية المحيطة بالأردن والاقليم انما أيضا هناك عوامل ذاتية أدت الى هذا التأخير لأن قوى الشد العكسي او بتعبيرها الحقيقي الرجعية السياسية والاجتماعية هي كانت عاملا حاسما في اجهاض كل ما طمح اليه جلالة الملك منذ توليه سلطاته الدستورية اذن نحن الان امام مرحلة تتطلب إعادة النظر في الأولويات والمهام ونحن بأمس الحاجة أيضا الى تحديث حقيقي في كل مؤسسات الدولة وذلك لأن الرحلة القادمة تتطلب جهدا مضاعفا وخاصة بعد شبه الاستقرار وبوادر حلحلة أزمات المنطقة وحدة التنافس بين الفرقاء الإقليميين حول إعادة اعمار سوريا والعراق وخاصة بعد تشكيل الحكومة اللبنانية وهي منافس يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار عندما ننظر الى الاستفادة القصوى من مشاريع إعادة الاعمار في كل المنطقة.

اذن الوعي الجمعي الأردني والذي تراكم وتطور حول النقد والنقد الذاتي وحرية التعبير هو ما سلط الضوء حول قضايا الفساد المنظورة والمخفية وبعض تجلياتها في التعيينات الأخيرة ولهذا كان الربط بين مفهوم التطوير الجذري للوعي الجمعي الأردني وعيد الجلوس الملكي والذي كان العامل الحاسم في انبثاق بذور تطوير هذا الوعي والذي يتطلب أيضا جهودا من كل الأطراف لرفع شعار تعميق التحول الديمقراطي واستكمال مهام الإصلاح الشامل.