كتاب

القاء العربي التشاوري وصراع الأولويات

ان المراقب حين يرى لقاء عربيا في عمان من اجل التشاور دون جدول اعمال مسبق ودون تحضير برتوكولي طبيعي يتبادر الى ذهنه تساؤل حول هذا اللقاء الذي ضم مصر والسعودية والبحرين والامارات والكويت والأردن يتساءل ماهية الأسباب وراء احتضان الأردن لذلك اللقاء وان بنية اللقاء اذا ما لم تحضر الكويت يصنف على انه ذلك المحور الذي تشكل بعد الازمة الخليجية، والذي كان مضادا لقطر ولكن وجود الأردن ودولة الكويت يعطي جوابا واضحا بان أسباب هذا اللقاء تتعدى الازمة الخليجية الى ازمة المنطقة بكليتها وخاصة مع اقتراب مؤتمر وارسو والقمة العربية وبوادر حلحلة ازمة التشكيل الحكومي في لبنان وقرار الإدارة الاميركية بسحب قواتها من سوريا كل تلك العوامل هي التي استدعت هذا اللقاء التشاوري والذي لم يخرج ببيان رسمي موحد، وانما صنف دبلوماسيا على انه لقاء إيجابي وبناء ناقش مجمل التطورات الإقليمية من باب توحيد المواقف حول الأولويات.

لقد سبقت هذا اللقاء مع وزراء الخارجية لقاء مقتضب من جلالة الملك المفدى أوضح خلاله الالوية الأردنية وهي في الوقوف امام تداعيات صفقة القرن على القضية الفلسطينية وان هذه هي الأولوية المطلقة لدى السياسة الأردنية، وبذلك حدد جلالة الملك سقف ذلك اللقاء مجهضا ما ذهب اليه البعض بان هذا اللقاء جاء من اجل رص الصفوف ضد التوسع الإيراني في المنطقة وتجديد الضغط على ايران من خلال تحويله الى تكتل عربي يكون مرتكزا على مواجهة ايران كأولوية ليس بعدها أولوية، ولكن ما خرج عن هذا اللقاء من نتائج رغم انه كان لقاء مغلقا حتى خلا من المستشارين او الوفود واقتصر على وزراء الخارجية يكمن في التوافق على أولوية القضية الفلسطينية، وإعادة سوريا الى الجامعة العربية والوقوف خلف الحكومة اللبنانية الجديدة والتي تشكلت مباشرة بعد هذا اللقاء من خلال التوافق على حصة اللقاء التشاوري اللبناني من خلال حصة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشيل عون، مما أدى الى الانتهاء من الازمة اللبنانية وهذا يعني إضافة نوعية للتوجه الأردني القائم على إعادة سوريا الى الجامعة العربية من اجل فكفكة الحصار السياسي والاقتصادي عن الجمهورية العربية السورية مما يعطي الأردن مساحة اكبر في رفع مستوى التعاون الاقتصادي والسياسي، وذلك بتفعيل إعادة البناء مستفيدا استفادة قصوى من فتح معبر ناصيب والذي سيكون ركيزة أساسية من ركائز إعادة الاعمار في سوريا هذا من جانب ومن جانب اخر هناك بعد سياسي واضح المعالم بان الأردن لن يقبل ضمن أي اطار سياسي او اطار عسكري او في اطار استراتيجية مبينة على أولوية القضية الفلسطينية، ان يعتبر ذلك اللقاء تجيشا من اجل تمرير او ترجمة السياسات الامريكية والصهيونية القائمة على أولوية ايران والتوسع الإيراني على حساب القضية المركزية وهي القضية الفلسطينية.

ان هذا ما رشح حقيقة عن نتائج ذلك اللقاء وان الأردن اعطى رسالة واضحة بالتناغم مع الموقف المصري والكويتي والاماراتي في حده الأدنى بان محورية القضية الفلسطينية هي الشغل الشاغل للدبلوماسية الأردنية ويجب ان ترقى الى توافق عربي كلي بالممارسة والتطبيق وان هذه المحورية وهذه القضية هي مفتاح الحل لكل أزمات المنطقة وان التمحور والتقوقع والتحالفات الثانوية ضد المشروع الإيراني لا تجزي نفعا ولن تخلق أي تراجع في الموقف الإيراني وان الأساس هو التكامل مع كل دول المنطقة والاقليم والتي تعتبر ان الانتهاكات الصهيونية للمقدسات العربية والإسلامية والمسيحية في القدس الشريف وفي كل الضفة الغربية المحتلة والقطاع الابي هو جوهر السياسية الأردنية الخارجية، وان هذا التكامل يجب ان يضم تركيا وايران وروسيا والاتحاد الأوروبي والدول العربية من اجل إجهاض صفقة القرن المشؤومة والتي هي مرفوضة رفضا قاطعا من كل تلك الدول والتي تعتبر بشكل حقيقي ان أولوية الصراع وأولوية الحلول لكل أزمات المنطقة تكمن في انهاء الصراع العربي الصهيوني رغم ما ينشر في وسائل الإعلان حول الخطر الإيراني.

من هنا فأننا نقول لكل مزاود او محرض او مشكك في هذا اللقاء التشاوري بان الأردن قادر على حشد الاصطفافات العربية خلف موقفه والذي يلقى دعما غير مسبوق من الشعوب العربية ومن قادة العالم ثانيا ومن اسناد غير مسبوق أيضا من الشعب الأردني بكل اطيافه ومؤسساته الرسمية والأهلية والمدنية.