كتاب

الشفافية والسرعة.. الرد الطبيعي في مواجهة الإعلام السلبي

بغض النظر عن ما يطرح في الاعلام السلبي أيضا عن ان التركيز على خطوات وخطابات وتحركات جلالة الملك وتكرار ذلك يعتبر من وجهة نظر هذا الاعلام هو تملق للنظام السياسي الأردني، وهذا طبيعي ولكن مروجي هذا الاعلام لا يستطيعون ان يروا بدقة حجم التحرك الهائل واليومي لجلالة الملك علاوة عن مفاجآته الاستثنائية ما بين أسبوع وآخر، وهذه الحركة الدؤوبة اثرت بشكل مباشر على كل من يلاحق خطوات جلالته ومقالاته وتوجيهاته اليومية والحثيثة وذلك يربك في بعض الأحيان كونك لا تستطيع ان تملك الوقت الكافي للتحليل والبحث استنادا الى هذه الدينامية العالية أقول ذلك لأنني ذاتيا تعرضت لذلك الارباك فقد عزفت منذ ثلاث سنوات على كتابة مشروع كتاب يحمل عنوان (المنطلقات النظرية والفلسفية لفكر جلالة الملك وتجلياتها في الواقع المعاصر).

واصدقكم القول ان الأبواب الأولى والفصول والتي كانت تعتمد على النشأة والتاريخ والتكوين ومرتكزات الفلسفة الملكية قد استطعت ان انجزه في اقل من سنة ولكن ما يخص تجليات وانعكاسات تلك الفلسفة وتجلياتها في الواقع المعاصر فأنني حقيقة بأزمة.

السبب ان كل يوم وعند كل منعطف محلي او دولي تجد هناك ترجمة مبدعة لتجلي منطلقات جلالته الفلسفية وانعكاسها على الواقع المعاصر وعلى سبيل المثال لا الحصر مقالة جلالته التي توجه بها الى النشطاء ونخبة الاعلام المجتمعي والمتمثل في مواقع التواصل الاجتماعي، وهنا سنتطرق لبعض ما جاء في هذه المقالة والتي تعتبر وصفة خلاقة في توظيف مواقع التواصل الاجتماعي والاعلام المجتمعي بكليته لرافعة حقيقية لاستكمال مهام الإصلاح الشامل وأيضا تعطي درسا اكاديميا حول الخط الرفيع الفاصل ما بين حرية التعبير وابداء الراي والتفاعل المجتمعي وما بين الاعلام السلبي الذي يعتمد بكليته على ضرب تحت الحزام للمنجزات وفوق الحزام للأخفاقات والسلبيات، هذا درس اول وهو ترسيخ حقيقي لمنطلقات جلالته وقيمه وطبيعة تربيته الأخلاقية والسياسية القائمة على التفاؤل المطلق بالمستقبل من خلال ثقة مطلقة بالشعب الأردني العظيم والذي يعتبره جلالته هو القوى الوحيدة والمحركة لانجاز اهدافنا وتحقيق احلامنا.

ماذا يعني ان يكون الملك وراس النظام السياسي الأردني يتكلم بتفاصيل التفاصيل حول ما يدور بمواقع التواصل الاجتماعي ليس ذلك فحسب ولكنه يعرف بتفاصيل التفاصيل حول هموم المواطن الأردني دون ان تلمس انه اعتمد في تقييمه ورؤيته على المستشارين.

هنا نرى كم ان جلالة الملك رغم ثقته المطلقة بمؤسسات الدولة وأجهزتها ونخبتها المثقفة فأنه لا يطلق أي حديث من خلال التلقين فهو منغمس حتى النخاع في صميم تلك الهموم وقد نوه جلالته الى امر بغاية الخطورة، وهو لا يختلف عليه كثير من المحللين او كتاب المقالات وذلك لعدم فهم حقيقي عندما يطلق جلالة الملك انه لن يسمح بالإساءة الى اسرته الصغيرة كما الكبيرة، السبب الحقيقي وراء ذلك ليس ترفعا وليس لتأثير ذلك على اسرة جلالته الصغيرة وليس لأن هناك من يملك حصانة مطلقة او ممنوعا على الناس الاقتراب منه، ولكن السبب الحقيقي هو ان جلالة الملك يعي تماما بان استهداف اسرته الصغيرة يمس بكل التفاصيل امن واستقرار اسرته الكبيرة أي الوطن بكل مكونات.

وكلمة السر هنا هي الهيبة ففي سياق منظومة الوعي الاجتماعي ونظرية المعرفة الأردنية التي تراكمت على مدار التاريخ فهي تعتبر ولي الامر يتمتع بحصانة أخلاقية وموقع متقدم ومسؤوليات امام الله سبحانه وتعالى وامام الشعب يجعل من التعامل معه خارج اطار الضرورات الوطنية والسياسية تعبيرا عن عدم وعي بأغلب الأحيان لمفهوم هيبة الدولة وانعكاساتها.

فكما اسلفت منظومتنا الأخلاقية والدينية والقيمية كلها تركز على اطاعة ولي الامر وخاصة اذا كان يمتلك اجماعا غير مسبوق وتوافق لم يعهد من قبل لذلك فان بدء التعدي على الخاص والضيق وزوايا ومفردات تعتمد في اتباع نهجها على الكم الهائل من الاشاعات والتسويف وان خطورة ذلك بالتوازي مع هيبة الدولة هو سرعة انتشارها كما أشار جلالة الملك بدقة عشرة اضعاف عن انتشار أي تغريدة إيجابية، وهذا نتيجة دراسات بحثية واكاديمية اذن حتى تستطيع قوى الشد العكسي ان تعيد عقارب الساعة الى الوراء اتجاه المرجعيات الضيقة تبدأ بالبحث عن اسقاط هيبة المرجعية التوافقية والمتمثلة براس النظام السياسي وخصوصيته وخصوصية اسرته وذلك لهدف مدمر يقوم على قاعدة كسر هيبة هذا النظام من خلال الأكاذيب والاشاعات والتحريض للاصطدام البيني هو ما جعل جلالة الملك ان ينوه الى ان من يتعرض لأي فرد من افراد اسرتي الكبيرة ويسيء اليها انما هو يسيء الي شخصيا، لذلك كان موقف جلالته صلبا ضد كل من قام بمهاجمة الضحايا واسرهم في حادثة البحر الميت فهذه إساءة الى افراد من اسرته الكبيرة اما الإساءة لأسرته الصغيرة فحدث ولا حرج من اشاعات وتأويلات اذن الخطورة ليست في تحصين اسرته الصغيرة من الاشاعات وانما حفاظا على الامن الوطني وعلى الاستقرار السياسي من خلال ان يعرف كل اردني وأردنية ان قيادته صلبة قادرة على حمايته في أي ظروف وضمن أي حيز زماني او مكاني هذا هو خوف جلالة الملك بان تضرب هيبة الدولة وصولا الى خوف المواطن على ذاته وذلك يتضح بجلاء كلي عندما يحس المواطن ان راس النظام الأردني ضعيف مترهل فيسقط في متاهة الاشاعات والخوف اليومي وعدم الثقة في المستقبل فيرفض الانسجام مع المرجعية التوافقية الكبرى ويبدأ يبحث عن مرجعيات ضيقة تفتت الوطن وتجعله دون ملامح ودون رؤيا والامثلة على ذلك حدث ولا حرج وخاصة لتجارب شعوب ومجتمعات أدى سقوط هيبة قادتها الى الوصول الى التقسيم والتفتيت والى دولة بعرف القانون الدولي تعتبر دولا دون هيبة أي فاشلة.