كتاب

الملك إعادة إنتاج الورقة السادسة من النظري إلى التطبيق

في لقائه الأخير مع الاعلاميين والصحفيين الأردنيين أكد جلالة الملك على قضية غاية في الأهميه وهي أن ما جاء في الأوراق النقاشية وبخاصة الورقة السادسة لا يمكن اعتباره ترفاً فكرياً يقوم على الجدل الوطني والحوار البيني والأهلي من أجل تطوير الوعي المجتمعي لاستيعاب مصطلحات سياسية جديدة مثل التمكين الديموقراطي والاصلاح الشامل واللامركزية وغيرها من هذه المصطلحات انما هو تحول حقيقي أراد من خلاله جلالة الملك أن يوضح أن الأوان قد آن لاستكمال الحوار الوطني العام والنقاش حول الأوراق ولا بد أن تنعكس نتائجه على أرض الواقع وأن الممارسة والتطبيق هي المحك الحقيقي والمعيار الأسمى لترجمة ما جاء في الأوراق النقاشية على الأرض نعم إنه تحول من النظرية إلى التطبيق وهو أيضاً يعتبر أساساً في بنية النهضة الأردنية الشاملة في العدل والمساواة ورفض استمرار ثقافة المصلحة والمحاصصة الطائفية والعشائرية وأن يوضع حد لتجاوز القانون على قاعدة المكتسبات الخاصة وسيكون الرد عليه رداً حاسماً وحازماً وأن مشكلة هؤلاء كما قال جلالته معه شخصياً.

من الواضح تماماً أن جلالة الملك في سياق الحديث الشفاف والصريح مع الصحافة والاعلام أراد أن يوضح أن لا تراجع عن مشروع الاصلاح السياسي الشامل والمساواة المطلقة بين جميع أبناء الشعب الأردني بغض النظر عن الانتماءات المناطقية والعشائرية والاقتصادية والسياسية.

إن الحزم الواضح الذي أوضحه جلالة الملك هو أن يعتمد الاعلام ويشتق معلوماته وأدواته التحليلية وتغطيته الإعلامية على المصداقية والحرية والمساهمة في الهم الوطني العام من خلال ممارسة صحفية وإعلامية مسؤولة تقود الإعلام الاجتماعي ولا تنقاد له لأن ذلك في كثير من الأحيان يؤدي إلى مساهمة غير مباشرة في الترويج للاشاعات المضللة واغتيال الشخصيات الوطنية دون أي وثائق واثبات وهذا بدوره يؤدي إلى خلل هيكلي في بنية الخبر وانعكاساته على الرأي العام وما يتبعه من فقدان للأمن المجتمعي ويضع المواطن الأردني أمام السؤال الكبير كما قال جلالته نحن إلى أين؟

إن هذا الحوار والمصارحة جاء نتيجةً حقيقية لمعرفة جلالة الملك بأدق التفاصيل التي يخوضها المجتمع الأردني وأنه على اطلاع شامل وكامل بكل التحولات التي تحصل لبنية هذا المجتمع وآرائه ومدى تأثير الإعلام السلبي على توجهاته وتخوفه وهذا انعكس على مجمل الحوار خلال اللقاء وخاصة في الشأن الخارجي وبما يخص القضية الفلسطينية وتطوراتها وأن الأردن مهما قيل ومهما روج من اشاعات أو تحليلات فلا يمكنه أن يتحول عن ثوابته الدبلوماسية السياسية والحضارية والعروبية في كل ما يخص موقفه الصلب ضد صفقة القرن المشبوهة وهذا يعني أن كل ما يشاع حول أن الضغوط الدولية على الأردن في كل جوانبها لا يمكن أن تزعزع أو تنال من صلابة الموقف الأردني حول مركزية القضية الفلسطينية وأولويتها. أما الجانب الآخر فهو أن على الجميع المساهمة والمحافظة على الاستقرار والأمن الداخلي ونقصد هنا الأمن المجتمعي وأن الديموقراطية لا تعني بأي شكل من الأشكال التقليل من هيبة الدولة ومؤسساتها وأن النظام السياسي الأردني سيضرب بيد من حديد دون مهادنة أو محاصصة كل من تسول له نفسه زعزعة الاستقرار والاطمئنان المجتمعي لأن ذلك سيساهم بشكل أو بآخر في التماهي مع مؤامرة الضغط على الأردن لاجباره على التراجع عن موقفه من القضية الفلسطينية و من ترتيبات صفقة القرن و تداعياتها.

dr.fayez.basbous@hotmail.com