أبواب

أول من أدخلوا الكنافة إلى عمان عام 1918

من ذكريات «آل المنها»

يُقال ان اول محل افتتح لِصُنع وبيع الكنافة في عمان والاردن عموما، كان محل «المنها» للحلويات في محل صغير قرب المدرج الروماني بشارع الهاشمي.

وفي لقاء ابواب- الرأي مع اثنين من الجيل الثالث من عائلة المنها وهما الشقيقان: المهندس مروان المنها، وعلي المنها الناشط الرياضي والبيئي، حدثانا عن هذا الموضوع بالرجوع الى الماضي القديم حيث قالا:

جدنا «محمد حسن ابراهيم المنها» من مواليد عام 1890، جاء من السلط الى عمان عام 1916 ايام الحكم العثماني، و افتتح محلاً متواضعاً للحلويات عام 1918 في عمان أسماه محل حلويات المنها الزاهرة، وعند قدوم الامير – الملك – عبدالله الاول الى عمان عام 1921 غيَّر الجد اسم المحل الى حلويات المنها الهاشمية.

ثم انتقل محل الحلويات والكنافة في العام 1951 الى مكان في وسط البلد قرب الجامع الحسيني , ضمن محلات سوق السكر على الشارع الرئيسي لشارع الهاشمي , قرب (صيدلية يعيش التي ما زالت موجودة حتى الان) وقد استمر المحل في عمله حتى توقف في العام 1982.

وبالرجوع الى تفاصيل حياة وتاريخ هذا المحل لصنع الحلويات الاول في عمان فقد اشار الشقيقان الى ان محل المنها الذي كان يديره جدهما محمد حسن المنها، كان يقوم بصنع وتقديم انواع من الحلويات البسيطة وأهمها الكنافة النابلسية والبقلاوة بأشكالها المختلفة.

وقد كان الاقبال على المحل آنذاك ضعيفاً عندما كان قرب المدرج الروماني بسبب قلة عدد السكان في عمان، ولكن في العام 1951 اصبح الحال افضل , وذلك عندما تم استئجار محل جديد في منطقة وسط البلد، حيث قام في تلك الفترة مالكه «سليمان باشا السكر» بتجديد مباني منطقة سوق السكر, حيث بناها من الحجر والاسمنت، وكنا ندفع ايجارا سنويا عن المحل آنذاك (275) دينارا، حيث اشترط سليمان باشا السكر علينا ان ندفع أجرة 3 سنوات مقدماً، إذا رغبنا بإستئجاره , وبالفعل تم دفع هذا المبلغ.

سوق السكر

و يُنسب سوق السكر الشهير وسط البلد في عمان الى عائلة السكر، وبالذات الى يوسف باشا السكر، وابنه سليمان السكر، فقد كان يوسف السكر من اوائل الذين بنوا سوق السكر في وسط عمان في اواخر العشرينيات، وقد عُرف السوق باسمه حتى يومنا هذا.

ويوسف السكر من مواليد السلط في منتصف القرن 19, و عندما أصبح شاباً أُنتخب في العام 1888 ليكون احد الاعضاء الاربعة الذين يمثلون السلط في المجلس العمومي لولاية (شرقي الاردن) الذي كان يرأسه الوالي العثماني بنفسه.

وكان يوسف السكر من وجهاء طائفة الروم الارثوذكس، وكان بيته مفتوحا لاستقبال الامير عبدالله بن الحسين وضيوفه كذلك في العام 1921، وقد منحه الامير بعد تأسيس الامارة لقب الباشوية في العام 1923.

اما ابن يوسف السكر، وهو سليمان السكر فقد أصبح وزيراً لتسع مرات ما بين وزارات المالية والاقتصاد والدفاع، وكان الشيخ يوسف السكر قد تبرع بتزويد مسجد السلط الصغير بعد اكتمال بنائه بكل ما يحتاجه من مصابيح الاضاءة.

وقد حملت عملة اردنية طرحت للتداول في 1/7/1950 من فئة نصف دينار والدينار وخمسة دنانير وعشرة دنانير توقيع السيد سليمان السكر الدبابنة كوزير للمالية في الحكومة الاردنية آنذاك.

حلويات في الاعياد

وجاء في كتاب المؤرخ الاردني المعروف عمر العرموطي (موسوعة عمان ايام زمان) حول هذا المحل وعن آل المنها: ان محل المنها للحلويات كان يتعامل معه العديد من الناس من اهالي عمان والمناطق الاخرى القادمين لزيارة عمان، وكذلك القوات المسلحة الاردنية ايام الوقفات في عيدي الاضحى والفطر، ليتم شراء حلويات متعددة , وبالذات المعمول لتقديمه لأفراد الجيش الاردني كحلوان ايام العيد.

وقد ازداد الاقبال على شراء الحلويات من هذا المحل بشكل ملحوظ رغم قدمه، بسبب وجود السوق التجاري الرئيسي من حول المحل، فقد كان موقعه في قلب مدينة عمان.

و كان محل «حلويات المنها» يقدم الكنافة بانواعها: الخشنة والناعمة والفيصلية، وانواع الحلويات الشرقية بانواعها، اضافة الى الشعيبيات بشهر رمضان، والفطائر والقطايف وانواع المعمول المختلفة.

وبعد وفاة الجد المرحوم محمد حسن المنها، خلفه في ادارة المحل ابناؤه محمد علي ، وحمدي والد علي و مروان ، إذ كان حمدي المنها هو الصانع المحترف لعمل كافة الحلويات الشرقية ومنها الكنافة.

ومن الشخصيات الاردنية التي كانت ترتاد المحل وتشتري الحلويات منه : محمد فريز والد د.زياد فريز، والحاج جميل زكريا، واللواء حكمت مهيار، ومحمد نزال العرموطي، والشيخ برجس الحديد، والقاضي عطاالله المجالي، وغيرهم.

ومن اشهر المحلات التي كانت على جانبي وامام محل المنها للحلويات: محل زكريا لبيع الاسلحة، ومحل ابو نذير القطرميز لبيع الادوات المنزلية، وصيدلية يعيش، ومحل الشحروري لبيع ألعاب الاطفال، ومشربش للصرافة، ومحلات لبيع الاحذية، ومقابل المحل في واجهة الجزيرة محلات القريني للاقمشة، وعبدالله اليماني للمرطبات، والشنواني للصرافة، وابراهيم النشواتي لبيع عُلب «مطبقانيات» الاعراس.

وعن اشهر المطاعم ومحلات الحلويات الاخرى في عمان قديما والتي اشتهرت بتقديم الحلويات والكنافة كذلك: مطعم جبري الذي افتتحه صاحبه صبحي جبري في عمان عام 1935، وكذلك مطعم السرور لأبناء عكاش، ومطعم الاوتوماتيك الذي كان يقع تحت مقهى السنترال، وقد افتتح احمد ومحمود حبيبة محل حلوياتهما في عمان عام 1951 في دخلة البنك العربي، وفي الستينيات من القرن الماضي تم افتتاح مطاعم الاردن في اول شارع الأمير محمد مقابل البريد المركزي قديما، ومن المحلات الخاصة بصنع الحلويات قديما ايضا محل حلويات النجمة الذهبية لمصطفى ابو سير بعمارة ماضي قرب البنك العربي بشارع الملك فيصل الاول.

درج الملك الحسين

ومنزل عائلة آل المنها تم بناؤه في العام 1928 من قبل الجد محمد حسن المنها في منطقة درج الكلحة، علما بان الاسم الصحيح والاصلي لهذا الدرج هو درج الملك حسين رقم (1)، وما يزال البيت قائما حتى الان، وهو مستأجر من قبل مركز ثقافي يسمى «جدل»، وهذا البيت الواسع فيه ارض ديار (ساحة داخلية) تتسع لحوالي 100 شخص، وفي زاوية منه بيت للخزين ارتفاعها حوالي 7 امتار، وهناك حول وسط الدار مجموعة من الغرف للسكن.

يقول الشقيقان مروان وعلي : وفي منطقة هذا الدرج الشهير كان يسكن من حولنا عدة عائلات منها مثلا:

آل مهيار ومنهم اللواء الباشا حكمت مهيار واحمد مهيار، وآل الحافظ ومنهم الفنان المعروف اديب الحفاظ، وآل عرفات، وآل البيات، وآل الشيخ، وآل قسيسة، وآل نفش، وعبدالرحمن ابو حسان، وميشيل درديان صاحب استوديو التصوير «فوتو برامونت» الذي كان موقعه بجانب مطعم جبري بشارع الملك الحسين مقابل بداية الدرج، وآل ابو محجوب صاحب اشهر مطعم للفول والحمص والساندويتشات في جبل اللويبدة.. وغيرهم، حيث كان يسكن على جانبي منطقة هذا الدرج العديد من أهالي عمان منهم مثلاً : الارمن والشراكسة والنوابلسة والمسيحيون والمسلمون.. وكان الجميع لا يستغربون عندما تأتي الجمال محملة بالفحم لدار المنها الذي يستعملونه لصنع عجينة الكنافة على نار الفحم .

وكان الجد محمد حسن المنها هو مختار اهل نابلس في عمان لانه من اصل نابلسي قديم، ثم من بعده ابنه محمد علي المنها الذي أصبح مختارا، وكان ابو علي الشهير ببيع القطايف طوال العام وليس في رمضان فقط، يسكن على هذا الدرج وله محل صغير كمقهى شعبي .. لكنه حوله الى معمل لصنع القطايف فيما بعد، وكان يورد لمحل المنها وسط البلد حبات القطايف لبيع بعضها هناك في شهر رمضان.

اللواء حكمت مهيار

ويقول علي حمدي المنها عن اشهر شخصية عمانية سكنت في منطقة هذا الدرج, هو اللواء العسكري حكمت مهيار , إذ كان «مهيار» يسيطر على الامن في عمان بشكل رائع ، والسبب في ذلك ان الناس آنذاك كان لديهم اخلاق رفيعة، والسبب الثاني هو ان حكمت مهيار مدير الامن العام في عمان في ستينيات القرن الماضي كان يعرف الناس كلهم معرفة شخصية، وكذلك فان الباشا مهيار كان يعرف كل صاحب أسبقية.

واللواء حكمت مهيار هو من احد مؤسسي وبناة الجيش العربي وجهاز الامن العام الاردني، وكان قد ولد في السلط عام 1914 ودرس في مدارسها والتحق بجهاز الامن العام وتدرج بالرتب حتى اصبح قائدا لمنطقة عجلون ثم الكرك ثم اربد ثم نابلس عام 1957، ثم قائدا لشرطة العاصمة في عمان، وقد توفي مؤخرا في العام 2013.

سكان ومحلات الدرج

ومنطقة درج الحسين او الكلحة تعايشت فيه كل اطياف المجتمع العماني، حتى اصبحوا مثل الاقارب والاخوان، وقد تخرج من سكان هذا الدرج الكثير من الاطباء والمهندسين، ومنهم من سافر وهاجر الى اميركا واوروبا وهناك عندما يلتقون ويتعارفون بأنهم قديما سكنوا في درج الكلحة .. لذلك يزدادون ألفة ومحبة وتعاوناً لانهم يعتبرون انفسهم كالاسرة الواحدة منذ القديم.

وفي تطور جديد منذ عدة شهور قامت به أمانة عمان الكبرى .. فقد ازداد جمال ورونق هذا الدرج !! حيث تم تزيينه وترميمه وإضفاء الرسوم والالوان الجميلة على جدران وابواب واستراحات الدرج , وافتتحت محلات فنية وموسيقية ومحلات للكتب والطعام السريع مثل: محل زيزفون كمقهى ومرسم لهدى جرادات، ومحمل للتحف لمحمد طرخان، ومحل عزوتي لمحمد النابلسي، و مركز جدل الثقافي لفادي عميرة.