أبواب

خربشاتك مفتاح شخصيتك

نحن نقوم بتصرفات لا نعرف مغزاها او مدلولاتها ولكنها في علم النفس لها معنى، ومنها ما نفعله عندما نمسك بالقلم والورقة بصورة لا ارادية فقد يشطح الفكر أحيانا ويغيب عن الواقع فيمسك الفرد منا بالقلم في أوقات الفراغ وخلال فترات الانتظار وكذلك أثناء حضور محاضرة او اجتماع ويبدأ بصورة غير واعية بالكتابة على الورقة وقد يرسم أشكالا او يكتب كلمات كأنه يقوم بذلك تحت تأثير للاوعي لأنه في أغلب الأحيان لا يعرف لماذا كتب او ما معنى ما رسمه.

هذه الكتابات نطلق عليها خربشات حيث يمكن تعريفها بأنها الكتابات التي يكتبها الشخص بدون وعي منه لأنها تعتبر عملية تستلزم اقل وعي من الكتابة مع ان اغلبها قد تكون عبارة عن اشكال زخرفيه ورسومات هندسية وليست رسوما تافهة وقد تتنوع بين الاشكال الهندسية واشكال الطيور المنمقة الى الرسومات غير المنمقة وتقول الباحثة سوزان ألدريج: «عندما تشعر بالملل في اجتماع طويل، من المحتمل أنك سوف تمسك بقلمك وتنهمك في عمل خطوط او رسوم، وربما مربعات او مثلثات أو أسهم، وهو ما يطلق عليه أطباء علم النفس اسم «الخربشة» وهى عملية أقل وعياً من الكتابة، وقد تنتج أشكالاً ورسوماً لا تخطر إلا على بال شخص واحد بمعنى أنها عملية فردية تماماً، لكنها تعكس- بدرجة ما – تفكيراً منطقياً، على الرغم من غرابة هذه الرموز حتى بالنسبة إلى صاحبها نفسه

أظهرت دراسة أجراها فريق طبي في كلية الدراسات النفسية بجامعة «بوسطن» الأمريكية إن التخطيطات العشوائية والرسوم الصغيرة «الخربشات» التي يدونها الشخص بقلمه أحياناً، تكشف النقاب عن كثير من أسرار شخصيته وتعتبر هذه الخربشات نوع من «أحلام اليقظة» البصرية قد تساعد في إلقاء الضوء الكاشف على الكثير من جوانب الشخصية الخفية.

ولهذا السبب بدأ علماء النفس يعطون اهتماماً بالغاً «للخربشات» من أجل فهم طبيعة المرضى النفسيين والتوصل إلى تحديد ماهية العرض النفسي الذي يعانون منه بدقة، وتجرى حالياً اختبارات من هذا النوع في مستشفيات جامعة «سيدني» الأسترالية، للكشف عن أمراض مثل العصاب والوسواس القهري والإدمان وسواها.

لماذا الخربشات..

اما بالنسبة للسؤال المهم لماذا نقوم نقوم بالخربشة على الأوراق فإن الإجابة المبدئية هي عبارة عن نوع من انواع التعبير عن الملل والشعور بالضجر او في انتظار أحداث أكثر إثارة وفي حالات اخرى تكون عبارة عن تنفيس للتوتر الذي يشعر به الشخص بحيث تبدو الخربشة من مزيلات التوتر بحيث يصبح الأمر أكثر فائدة للشخص ويصبح الأمر في هذه الحالة من الأساليب العلاجية التي يمكن اللجوء إليها في علاج الأمراض النفسية.

الخربشة مفيدة في عدة حالات منها أسلوب العلاج النفسي بحيث يبدوا الأمر عبارة عن تفريغ للتوتر بحيث يبدو الأمر بأنه أسلوب للراحة النفسية بحيث يفرغ طاقات الدماغ الزائدة على الورق.

تنشيط الدماغ

في حالات اخرى يمكن اعتبارها من أساليب تنشيط الدماغ كالتي يقوم بها الفنانون حيث تعتبر بمثابة أعمال أولية يقوم بها الفنان قبل البدء بمشروعه الفني فهي تبدوا بمثابة عملية احماء فكري حيث تمثل الخربشة طريقة جيدة لبداية الأعمال كالممارسات الرياضية التي يقوم بها الرياضيون قبل المباراة.

الخربشة يمكنها تحرير الدماغ للتفرغ للنشاط الذهني كما أكدتها بعض الدراسات والتي أجريت من قبل العالمة ونديفان ديك من كلية دوردت في ولاية إنديانا حيث طلبت من الطلاب أن يقومون بتدوين ملاحظاتهم وان يقوموا بالخربشة اثناء المحاضرات حيث تبين ان الذين قاموا بالخربشة كانت نتائجهم أفضل ممن قاموا بتدوين الملاحظات حيث يسنتج منها بانها عملية تفريغ للدماغ بحيث يكون قادرا على استيعاب معلومات اكثر.

من احلام اليقظة

يلجأ الشخص لأحلام اليقظة بدافع اللاوعي فهو عندما يذهب باحلامه لكي يرى احلام اليقظة لعدة اسباب وهي تحقيق امنيات يعجز عنها في في الحياة الحقيقية او عند الشعور بالقلق حيث تكون وسيلة علاجية للتخفيف من القلق او للتخطيط للمستقبل.

الخربشة قد تتعلق بالتخيل الممتع للأمنيات بحيث يكون تفسير بعض الرسومات التي تكون على شكل طائرة او مركب نوعا من الهروب من الواقع.

إطلاق العنان للإبداع

الخربشات قد تحمل اشارات عن شخصية الفرد وخلفيته ومستواه التعليمي حيث يمكن للخربشة «تحرير الدماغ» من بعض الضغوط العقلية ليتفرغ للنشاط الذهني، كما أنها تساعد في تنفيس التوتر النفسي إلى أبعد مدى، وهي بذلك نشاط لا إرادي مصدره الجانب الأيمن من الدماغ العلماء عندما يخربشون تكون خربشاتهم عبارة عن أفكار كما في رسومات دافنشي نماذج مدهشة «للخربشات» المبدعة، فقد ظهرت معظم أعمال واختراعات الفنان الإيطالي الشهير ليوناردو دافنشي صاحب «الموناليزا» على شكل تخطيطات عشوائية اولية اشبه بالخربشة في البداية، ثم قام دافنشي بتطويرها حتى وصلت إلى شكلها النهائي، ويبدو ذلك جلياَ في مسودات أعمال هذا الفنان الكبير التي تحتفظ بها المتاحف الأوروبية، حيث تظهر فيها مربعات ورسوم وأشكال غريبة تبدو للناظر بلا معنى تقريباً لكنها البذور الأولى لكل إبداعات دافنشي المعروفة.

وفي العصر الحديث كان ألبرت أينشتاين يولي اهتماما كبيراً بما أسماه «التفكير العشوائي» الذي يعتمد عليه المرء عند التخطيط بقلمه في ورقة بيضاء، وكان أينشتاين يؤكد أن «النظرية النسبية» وليدة لحظات من الإلهام العقلي الكاشف ظهر على شكل خربشات أقرب ما تكون إلى عشوائية!

وسيلة لفهم الشخصية

بعض العلماء يعتبرون الخربشات وسيلة لفهم شخصية الشخص حيث تعمل على إعطاء المحلل النفسي بعض التصورات عن الشخصية حيث تعتمد الخربشات على عدة عوامل منها ثقافة الشخص وخلفيته الاجتماعية ومستواه الاجتماعي وتكون الخربشات نوعا من تنفيس التوتر اذا كانت الخربشة يقوم بها الشخص نادرة اما الأشخاص الذين يكثرون من الخربشة هم بالأشخاص الذين يعبرون عن أفكارهم بطريقة اللاوعي.

ويصف علماء الخطوط الأشخاص الذين لا يخربشون بأنهم أشخاص متميزون ودقيقون ويميلون للصراحة ويبتعدون عن المواربة في الأفعال والأقوال.

الكتابة باليد يمكن للعلماء من خلالها تحليل شخصية الشخص وتكثر عبارة اعرف شخصيتك من توقيعك والتي انتشرت في الثمانينات من القرن الماضي حيث كانت المجلات الترفيهية تفرد بابا خاصا من المجلة لمحلل الخطوط

كما ان علم الخطوط له اعتبار في علم النفس حيث يعمل اختبارات القياس النفسي التي تعتمد على الخط والتي تعمل على اكتشاف ما يدور في ذهن الشخص كون الكتابة باليد تأتي من الدماغ وكذلك الخربشة.

الخط يمكن اعتباره سمة فردية فلكل شخص توقيعه المميز ويمكن بمجرد النظر إلى المخطط أو المصنف لكي نعرف من كتبها.

عند تحليل الخربشة يمكن النظر بامعان لما تحويه من أشكال ورسومات والطريقة التي تختبر فيها الخربشة تعتمد على حياة الشخص الخاصة وتعبير لا شعوري يقوم به الشخص على الورق يعبر عما يدور في نفسه وهذا من الأسباب التي تدفع المحللين النفسين الى اعتماد الخربشة منفذا لدراسة الشخصية.

كما يعتمد بعضهم على الخربشة منفذا يدخلون فيه الى دماغ المراهقين الذين يعانون من مشاكل واضطرابات كالادمان على المخدرات والمصابين بالقلق والتوتروفي هذا السياق أجريت في كلية الطب جامعة «سيدني» بإستراليا، اختبارات للخربشة قام بها مجموعة من المراهقين وصل عددهم إلى 250 مراهقاً، وذلك لإظهار كيفية تورط بعضهم في إدمان المخدرات وحوادث سرقة وجنوح، وزوّدت الخربشة الأطباء المعالجين بعدد من الحقائق وصفوها بأنها «مدهشة» حول طبيعة شخصية هؤلاء الجانحين

ومن أبرز الحقائق التي توصلت إليها دراسة جامعة «سيدني»، أن الخربشات قد تكون مفتاحاً لفهم المشاكل النفسية التي يعاني منها المراهقون، فقد تبيّن تعرض بعضهم لخبرات نفسية سيئة في طفولتهم، كما رسم البعض منهم قضباناَ حديدية في إشارة إلى تخوفهم من السجن، فيما كتب البعض الآخر كلمات غير مفهومة تعبّر عن ضغوط محددة تجاه أشخاص مجهولين، وظهرت لدى آخرين شواهد قبور لتعبّر بوضوح عن رغبتهم في الانتحار.

تحليل نفسي

الخربشات كما ذكرنا سابقا نتاج عمل فكري من منطقة اللاوعي لذا فمن الممكن بان تكون بلا معنى عندما تكون عبارة عن شخبطات غير متناسقة بينما اذا وجد بها تناسق فانها قد تكون مفتاح لتحليل شخصية الشخص فعندما يوجد في الخربشات اشكال هندسية مثل المربعات فانها تميل الى اعتبارها دليلا الى اعتماد بعض المواضيع فبي جدول اعمال الشخص وعندما تكثر الحروف غير المتصلة في الخربشة فانها تشير الى الصراع في داخل الشخصية في ترتيب الاولويات والقضايا اما الدوائر تميل الى احلام اليقظة.

تعتبر الخربشة بحق من نتاج اعمال بعض العباقرة مثل الرسام العالمي ليوناردو دافنشي التي كانت خربشاته عبارة عن بدايات للكثير من اختراعاته وكذلك مات جرونينج مبتكر شخصيات عائلة سيمبسون الكرتونية التي كانت خربشاته هي الاساس لهذه الشخصيات

المرجع :صيدلي في وزارة الصحة