كتاب

الصندوق والقرارات الصعبة

تغيرت لهجة مدير دائرة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور في الحديث عن الإجراءات الحكومية الاخيرة لتدبير إيرادات إضافية للخزينة في حدود 540 مليون دينار خلال 2018.

في جولته السابقة قبل بضعة أشهر ، لبس أزعور ثياب محامي الفقراء ومحدودي الدخل واللاجئين السوريين الذين يجب دعمهم وحمياتهم ، أما الآن فهو يصف الإجراءات ذاتها بأنها جزء من عملية الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه بين الأردن والصندوق.

نفهم من التصريحات الأخيرة الاعتراف بأن الإجراءات ذاتها جزء من برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يطبقه الأردن بمعرفة الصندوق.

قلنا في حينه أن إحدى أهم فوائد التعاون مع الصندوق هي تخفيف الضغط على الحكومة التي تستطيع أن تعتذر بأن هذه الإجراءات من صلب برنامج الصندوق وأنها مضطرة لاتخاذ هذه الإجراءات وفق شروط الصندوق.

قبل عدة أشهر لم يشأ أزعور أن يتحمل الصندوق ولو جزءاً من المسؤولية عن القرارات الصعبة التي على الحكومة أن تأخذها ، ولكنه عاد الآن إلى جادة الصواب وقبل أن يشارك الحكومة في المسؤولية عن رفع الضرائب والأسعار كإجراء متفق عليه ولا بد منه لتدبير المال اللازم لمواجهة التزامات الخزينة.

لم يكتف ِ المسؤول الصندوقي بالاعتراف بأن الإجراءات تشكل جزءاً من برنامج الصندوق ، بل خطا خطوات أخرى بالإشارة إلى الظروف الخارجية التي تضغط على الأردن ، وفي مقدمتها إغلاق حدود الدول المجاورة لأسباب أمنية ، مما أثر سلباً على نمو الصادرات.

لا نعتقد أن الصندوق يمارس لعبة النفاق السياسي ، بحيث يدعي الفضل إذا نجحت إجراءات الحكومة ويتقي اللوم والمسؤولية فيما إذا لم تنجح.

من حسن الحظ أن العلاقات بين الأردن والصندوق ليست متوترة ، ولا تتمثل في سياسة شد الحبل من طرفيه باتجاهين متناقضين ، وأن الصندوق يعرف أن من مصلحته أن ينجح الأردن في إصلاح اقتصاده ، وأن يكون للصندوق بعض الفضل في ذلك ، ولكن الفضل الحقيقي يعود للحكومة التي تجرأت على ما لم يجرؤ أخرون على عمله ، وللشعب الأردني الذي تحمل الأعباء الجديدة بشكل ضرائب وأسعار لأن مصلحة الوطن العليا تتطلب بعض التضحيات.