كتاب

الفيتو فساد دولي

عملية التصويت في مجلس الأمن الدولي بشأن القدس قدمت دليلاً آخر على فساد قواعد التصويت والتوصل إلى النتائج في المنظمة الدولية. يتكون المجلس من خمسة أعضاء ، يمثلون المنتصرين في الحرب العالمية الثانية ، وهم روسيا وأميركا وبريطانيا وفرنسا والصين ، وعشرة أعضاء آخرين يمثل كل منهم منطقة من مناطق العالم.

ما جرى هو إجماع أعضاء المجلس على نص قرار معين باستثناء عضو واحد من الأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس. ومع ذلك فإن القرار لم يمر لأن كل قرار يجب أن يحصل على موافقة أكثر من نصف أعضاء المجلس على أن يكون بينهم ممثلو الأعضاء الخمسة الذين يتمتعون بحق الفيتو.

أميركا استخدمت هذا (الحق) أكثر من 40 مرة ، لإبطال مشاريع قرارات تدين إسرائيل ، مما يعني أن العالم يقف في جانب وأميركا تقف في الجانب الآخر عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.

هذا الموقف يدل على عزلة أميركا ، لكن الحاصل عملياً أن أميركا من القوة وامتلاك النفوذ لدرجة أنها عندما تنفرد بقرار في مواجهة العالم تقول أن العالم أصبح في عزلة وعليه أن ينتظر عقوبات أميركا التي تصيب حالياً حوالي 40 دولة/شعب.

ماذا عن المعركة الدبلوماسية حول مصير القدس ؟ أميركا تعتبر دول العالم مذنبة من حيث عدم طاعة ما تقول به أميركا ، ليس هذا فقط بل أن على الدول التي تتقاضى معونات ومنحا مالية من أميركا أن تصوت إلى جانبها والا قطعت عنها المعونات والمنح.

من هذه الدول المهددة بانقطاع المنح المالية الأميركية الأردن ومصر ، وكان ترمب يعتقد أن تهديده لهما ولغيرهما بقطع المنح المالية سيجبرها على إعادة النظر في مواقفها واتخاذ الموقف العقلاني كما يفهمه تاجر عقارات خبير في عقد الصفقات.

قطع المعونات المالية عن مصر والأردن قد يلحق الضرر باقتصاديات البلدين ولكنه يشكل في الوقت ذاته عقوبة لإسرائيل وتعريض أمنها للمخاطر التي تكلف مواجهتها أكثر مما تدفعه أميركا للاردن ومصر.

المأمول أن يكون في أميركا من يحسبها جيداً ، خاصة وأن استعمال المساعدات الاميركية التي تقدم لدول العالم الثالث سيعتبر شراء لإرادتها والتعامل معها كمرتزقة.