كتاب

التفرغ لممثلي الضمان في رئاسة الشركات!

منصب رئيس مجلس الإدارة المتفرغ، إختراع حشرته أصابع ذات نفوذ في قانون الشركات وإمتد لفترة ما الى ممثلي صندوق إستثمار أموال الضمان الإجتماعي في الشركات، قبل أن يتوقف بقرار تبنى الحاكمية الرشيدة من مجلس ادارة المؤسسة العامة للضمان.

الآن عاد صندوق استثمار الضمان الإجتماعي المعني باموال الاردنيين الى تطبيق مبدأ فصل الإدارة عن الملكية وقرر أن لا يكون رؤساء مجالس الإدارة الذين يعينهم في الشركات متفرغين وحدد سقفا لرواتبهم لا يتجاوز ألفي دينار، وبدأ فعلا تطبيق هذا المبدأ على التعيينات اللاحقة دون أن يمس بعض المكاسب السابقة.

لا يقصد الضمان من وراء هذا القرار ضبط نفقاته كما قد يفهم من الصورة الكلية، بل الغرض تعزيز الحوكمة لانجاح المؤسسات وانقاذها من كبوتها، لكن الأهم هو منح إستقلالية مسيطرة في القرار للإدارة التنفيذية دون تدخل أو تقاطع في الأوامر التنفيذية وهو التشابك الذي قاد الى خسارة وتخبط إداري في شركات كثيرة عانت وما زالت تعاني، خصوصا إن كان رئيس مجلس الإدارة بعيدا تماما عن صلب أعمال الشركة.

ليس كل رؤساء مجالس الإدارة ممن يعينهم الضمان في كفة واحدة فمن بينهم المؤهل والمحترف ومنهم أيضا من هو غير ذلك ومأسسة هذه التعيينات وفق مبادىء ثابتة تنهي ثغرات تحقيق منفعة ومحاباة وترضية لإشخاص معظمهم من الوزراء السابقين ومثلهم من النافذين في عالم الأعمال أرادوا الإلتفاف على مبادىء الحاكمية الرشيدة وعنوانها العريض الفصل بين الملكية والإدارة.

قبل ذلك كان أكثر المستفيدين من مثل هذا الإختراع هم ممثلو أموال الحكومة والضمان الإجتماعي، وقد درجت فيما مضى على تشغيل عدد من الوزراء السابقين من المتقاعدين، إن كان على سبيل الإسترضاء أو تدبير وظيفة لوزير متقاعد او سياسي تليق بمركزه الذي بلغه ولا يستطيع أن يتنازل الى ما هو أقل منه.

من الملاحظات أن غالبية شاغلي مقاعد الحكومة أو الضمان في الشركات يفتقرون إلى الخبرة في طبيعة عمل هذه الشركات كما أنهم لم يكونوا فعالين في كثير من القرارات المهمة التي تتخذها مجالس الإدارات، لأن بعضهم شغل موقعه بالواسطة على سبيل التنفيعات ولا نبالغ إن قلنا أنه في فترة ما كانت عضوية مجالس الإدارة تخصص لوزراء ومتقاعدين، لمجرد شغل أوقاتهم وفتح باب رزق جديد.

إذا كان من أخطاء إدارية ارتكبت في هذه الشركات في ظل وجود ممثلي أموال الحكومة وصندوق الضمان فهي مسؤوليتهم، فكثير منهم لا يحضرون الاجتماعات ولا يصوتون على القرارات ولا يعلمون عنها، ويرون في تلك الشركات مشيخات ومحاولات لتحقيق مكاسب شخصية وتهيئة للانتقال لمكان آخر يحقق الطموح.

ممثلو الحكومة في الشركات أقلية مقارنة بممثلي الضمان الذين يشكلون أغلبية مع أن التعيينات هنا أو هناك لا تتم إلا بعد إستمزاج الحكومة، ومطلوب ان يتم الالتزام بتعليمات الحاكمية الرشيدة وعدم الالتفاف عليها والدفع بكفاءات ذات قدرة وخبرة مالية وادارية ومعرفة بشؤون الشركة المعنية، وهو ما أكدت الحكومة غير مرة الالتزام به، اذا كانت هناك نوايا صادقة للنهوض بالمؤسسات ومعالجة عثراتها وأزماتها لا زيادتها، والاستفادة من التجارب السابقة، بعيدا عن الترضيات والخضوع لقوى مجتمعية ومتنفذين.

qadmaniisam@yahoo.com