قد تكون هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» الوحيدة التي كشفت النقاب عن قصور في دور الأمم المتحدة في ما يخص الكارثة التي تواجه مسلمي الروهينغا في ميانمار، التحقيق الذي أجرته «جوانا فيشر» لبي بي سي بعنوان «كيف خذلت الأمم المتحدة مسلمي الروهينغا» يسلط الضوء على مجموعة من الأعمال والممارسات التي تنفذها الكندية «ريناتا لوك» مسؤولة الأمم المتحدة في ميانمار، حيث حاولت وفق التقرير منع مناصري حقوق الانسان من زيارة مناطق الروهينغا، بل حاولت منع النقاش في ما يحدث من تعسف وتمييز عنصري ضد الروهينغا من قبل سلطات ميانمار.
وفي ذات السياق وحسب التقرير عزلت المسؤولة الأممية جميع من حاول من فريق الأمم المتحدة الإشارة إلى الانتهاكات التي تمارسها السلطات والتي تصل إلى حد التطهير العرقي، وفي مقدمتهم رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية.
في التداعيات الأخيرة للأزمة، فر ما يقارب نصف مليون شخص من الروهينغا في ميانمار إلى بنغلاديش المجاورة، حيث يصل الألاف هناك كل يوم وهم في حالة إنسانية بائسة، وقد كشفت منظمة العفو الدولية وقوع عمليات التعذيب المروع والاغتصاب والاختطاف للرجال والنساء والأطفال على يد قوات الأمن في ميانمار، وتبّين الأدلة الجديدة المستقاة من الأقمار الصناعية أن أكثر من 80 قرية في ولاية أراكان في ميانمار قد أحرقت في محاولة تستهدف إلحاق الضرر بأسر الروهينغا المستضعفة أصلا.
في الوقت الذي عرضت فيه البي بي سي تقريرها، خرج الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش محذراً من اتساع رقعة العنف ضد الروهينغا واصفاً الأزمة بأنها أسرع أزمة لاجئين طارئة وكابوساً إنسانياً لحقوق الانسان، مناقضاً أفعال فريق الأمم المتحدة في ميانمار في التعامل مع الأزمة، والذي لم يبذل أدنى محاولة للدفع نحو صون حقوق الإنسان وحماية مواطني الروهينجا.
الشكوك حيال دور الأمم المتحدة في ميانمار يفتح الباب واسعاً لمجموعة كبيرة من التساؤلات حول امكانية وجود ضغوط سياسية عالمية أو إقليمية تمنع التعاطي مع قضية مسلمي الروهينغا، خاصة وأنَّ أزمة الروهينغا أخذت بعداً تاريخياَ، حيث لم تنَّل طيلة الفترات السابقة أي اهتمام دولي أو أية مبادرة للحل أو إنصاف هذه الأقلية التي لم تحظ بأبسط حقوق الإنسان التي تتغنى بها دول العالم المتقدم والتي تحرص منظمة الأمم المتحدة على صيانتها ومنع التعدي عليها.
قضية الروهينغا في ميانمار اليوم بمثابة عار كبير على المجتمع الدولي ومنظماته التي تدعي حماية حقوق الإنسان دون تمييز يستند إلى طائفة أو ديانة أو جغرافيا، كما توكد تداعيات الأزمة وامتدادها كأكبر أزمة لجوء إلى أنَّ السياسة العالمية لديها أولويات السياسة والمصالح التي تتقدم على القيم والأبعاد الإنسانية.
Rsaaie.mohmed@gmail.com
مواضيع ذات صلة