أبواب

قرأت لك.. النمرود

النمرود هو ابن كنعان بن كوش بن سام ابن سيدنا نوح عليه السلام، احد ملوك شنعار في منطقة وادي الرافدين.

يعتبر نمرود بن كنعان من الملوك المتكبرين فهو مدعي الالوهية!!! فقد قال « أنا أحيي وأميت» وأقتل من شئت وأستحيي من شئت فأدعه حياً لا أقتله!!.

وهو أول من وضع التاج على رأسه، ويعتبر نمرود بن كنعان من الملوك الأربعة الذين ذكروا في القرآن الكريم.

الحياة والموت!!

كان للملك النمرود قصة مع سيدنا ابراهيم عليه السلام، فقد كان الناس يخرجون ويختارون من عنده الطعام ليأكلوا.

وذات مرة خرج معهم سيدنا «إبراهيم» عليه السلام ليختار من الطعام مثل الناس، وكان هذا الملك يمر بالناس فيسألهم:

من ربكم؟ فيقولون أنت، وعندما سأل النمرود سيدنا ابراهيم من ربك؟؟ فقال سيدنا ابراهيم : «ربي الذي يحيي ويميت».

فقال النمرود : «أنا أحيي وأميت».. أستطيع أن أحضر رجلاَ يسير في الشارع وأقتله، وأستطيع أن أعفو عن محكوم عليه بالإعدام وأنجيه من الموت.. وبذلك أكون قادرا على الحياة والموت.

لم يجادل إبراهيم النمرود لسذاجة ما يقول، غير أنه أراد أن يثبت للنمرود أنه يتوهم في نفسه القدرة وهو في الحقيقة ليس بقادر.

فقال إبراهيم: (فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ).

استمع الملك إلى تحدي إبراهيم صامتا.. فلما انتهى كلام النبي بهت النمرود، وأحس بالعجز ولم يستطع أن يجيب.. لقد أثبت له إبراهيم عليه السلام أنه كاذب.. قال له إن الله يأتي بالشمس من المشرق، فهل يستطيع هو أن يأتي بها من المغرب.. إن للكون نظما وقوانين يمشي طبقا لها.. قوانين خلقها الله ولا يستطيع أي مخلوق أن يتحكم فيها.

ولو كان النمرود صادقا في إدعائه الألوهية فليغير نظام الكون وقوانينه.. ساعتها أحس الملك بالعجز.. وأخرسه التحدي، ولم يعرف ماذا يقول، ولا كيف يتصرف.

ورجع ابراهيم عليه السلام ومر على كثيب من الرمال..فقال: «ألا آخذ من هذا الرمل فأتي به أهلي, فتطيب أنفسهم حين أدخل عليهم»، فأخذ منه وأتى أهله ووضع متاعه ثم نام فقامت زوجته لتجد في متاعه أطيب أنواع الطعام وأجوده.. وصنعت له منه وقدمته إليه فقال: من أين هذا!؟ فقالت: من الطعام الذي جئت به!!! فعلم أن الله رزقه فحمد الله وشكره.

النمرود والبعوضة

بعث الله عليه بعوضة دخلت في أنفه ودخلت إلى دماغة فمكث هذا النمرود الجبار 400 سنة يضرب بالمطارق والنعال حتى تهدأ البعوضة، فكان عقابة على تكبره وعصيانه انه توفي بسبب بعوضة صغيرة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ملك الدنيا أربعة : مؤمنان وكافران، أما المؤمنان : سليمان وذو القرنين، والكافران النمرود وبختنصر. هذا ويُعد «النمرود» أول جبار في الأرض، وكان حاكم بابل بالعراق، ولد 2053 قبل الميلاد.

وقال ابن كثير، في كتاب «بداية ونهاية» أنه أول من وضع التاج على رأسه وتجبر في الأرض وادعى الربوبية، واستمر في ملكه أربعمائة سنة، «وكان قد طغا وتجبر وعتا وآثر الحياة الدنيا».

قصته مع إبراهيم

وردت قصته في القرآن من خلال مناظرته مع نبي الله إبراهيم، عليه السلام، والتي ذكرها الله في سورة البقرة، في قوله «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ».

ويقول القرطبي، في (الجامع لأحكام القرآن): رأى (النمرود) حلما طلع فيه كوكبا في السماء فذهب ضوء الشمس حتى لم يبق ضوء!!!.

فقال الكهنة والمنجمون في تأويل الحلم إنه سيولد ولد يكون هلاكك على يديه!!! فأمر بذبح كل غلام يولد في تلك الناحية في تلك السنة، وولد إبراهيم ذلك العام فأخفته والدته حتى كبر وعندها تحدى عبادة نمرود والأصنام.

وعمَّا حدث بينه وبين إبراهيم، قال ابن كثير إنه عندما أصبح سيدنا إبراهيم شابا بدأ بمناقشة أهله وقومه يدعوهم لعبادة الله، وترك عبادة النمرود، وفي أحد الأيام وبينما كان قومه يحتفلون خارج المدينة ذهب إبراهيم لأصنامهم وكسرها كلها إلا كبيرهم.

وعندما رجعوا من حفلتهم وجدوا أصنامهم مهدمة فسألوه فقال لهم إنه كبيرهم الذي كسر الأصنام الأخري لأنه يغار منهم!!!.

فأعدوا نارًا عظيمة لإحراق سيدنا ابراهيم عليه السلام عقاباً له، بأمر من النمرود، ولكن جعلها الله بردًا وسلامًا عليه، كما ذكر في القرآن الكريم.

وذكر ابن كثير والقرطبي أن النمرود تعجب كيف نجا إبراهيم عليه السلام من النار التي أعدها قومه لتحرقه فنجاه الله بأمره، فأراد النمرود مناظرته ومجادلته في أمر ربه.

وبعد المناظرة، قال المفسرون، نقلًا عن زيد بن أسلم الذي قال: بعث الله إلى ذلك الجبّار ملكًا يأمره بالإيمان بالله فأبى عليه، ثم دعاه الثانية فأبى عليه، ثم دعاه الثالثة فأبى عليه، وقال: اجمع جموعك وأجمع جموعي.

وأوضح ابن كثير، في كتابه: فجمع النمرود جيشه وجنوده وقت طلوع الشمس، فأرسل الله عليه ذبابًا من البعوض، بحيث لم يروا عين الشمس وسلّطها الله عليهم، فأكلت لحومهم ودماءهم وتركتهم عظامًا باديةً، ودخلت واحدةٌ منها في منْخَر الملكِ فمكثت في منخره أربعمائة سنة، عذبه الله تعالى بها فكان يُضْرَبُ رأسُه بالمرازب في هذه المدة كلها حتى أهلكه الله عز وجل بها.