كتاب

الغش الإلكتروني في الجامعات الأردنية..!

... يقول سوفوكليس الروائي المسرحي اليوناني عن الغش» أُفضّل أن افشل بشرف، على أن انجح بالغش». في هذه الأيام اصبح الغش رقمّيا (E-cheating)، كما أن منهجيات هذا التقدم أصبحت أكثر تطوراً اليوم منها في السابق، وذلك للتقدم الهائل في هذه التكنولوجيا. يُعّرف الغش الإلكتروني على أنه استخدام تكنولوجيا المعلومات (IT) للمساعدة في عملية الغش في قاعة الامتحان، وكما نعلم أن تكنولوجيا المعلومات تعني دراسة أو استخدام الأنظمة (وخصوصاً أنظمة الحواسيب والاتصالات) في تخزين أو استعادة أو إرسال المعلومات.

... ولكن السؤال المهم هنا، لماذا يغّش الطلاب؟! وما هي الأسباب التي تشجّعهم على ذلك؟! يغّش الطلاب لإنه من السهل فعل ذلك، ولإن نسبة الذين يُضبطون لا تتجاوز نسبة 10% فقط، هذا عدا أن توفر هذه الأجهزة الحديثة متوفرة وبأسعار مقدور عليها من هذه الفئة الطلابية، وقد أصدرت رابطة مؤلفي وناشري التعليم الوطني في الولايات المتحدة الأميركية تحذيراً مفاده، أن سلوك الطلبة قد تغير من لا تغش (Don’t cheat) إلى لا عدم ضبطك تغش (Don’t be caught). يُؤمن الطلبة الذين يلجأون إلى مثل هذه الأساليب من الغش، إلى ما يعرف بالأخلاق الظرفية، أي أن لهم مطلق الحرية بالوصول إلى هذه التكنولوجيا والنجاح عن طريقها حتى وان لم يدرسوا ويجتهدوا.

... في الجامعات والمدارس الأردنية، هناك نسبة غير قليلة تمارس هذا النوع من الغش، وما ملاحظات وزير التربية والتعليم السابق، وعرضه لهذه الأجهزة الإلكترونية التي حاول بعض الطلبة الغش من خلالها، وأسعارها الباهظة التي تحدث عنها الوزير إلا مثال لهذا الواقع الجديد، أما بالنسبة للجامعات وخصوصاً مع الساعات الذكية (Smart watches) وأجهزة الهواتف الذكية (Smart phones)، والسماعات (Earphones) الحديثة التي لا تستطيع ضبطها بسهولة، فهنالك غش إلكتروني في القاعات الدراسية، لا يستطيع إيقافه إلا الأستاذ المطلع والمواكب لهذه التكنولوجيا الحديثة، ويجب على الأستاذة في قاعات المحاضرات منع تشغيل هذه الهواتف، والعمل على إغلاقها خلال المرحلة التدريسية، والعمل على وضع قوانين رادعة لمثل هذا الاستخدام السيئ الذي هدفه الغش والنجاح بطريقة غير مشروعة، وعلى حساب الطلبة الاخرين، الذين يدرسون ويكدون للنجاح بطريقة شريفة.

...وأخيراً، تعاني الدولة الأردنية ما تعانيه الدول الأخرى، التي ما زالت تنقصها ثقافة وأتيكيت وسلوك استخدام هذا النوع من الأجهزة الذكية والمتقدمة، ولكن حتى لا نذهب بعيداً عن الموضوع، وجب تغيير سياسة الامتحانات في الجامعات الأردنية للحد من عملية الغش الإلكتروني هذه، وذلك من خلال استخدام الاسئلة المتعددة الخيارات الصعبة، والتي لا يُمكن حلها بسهولة، وتحتاج إلى وقت أطول، مع التشديد على منع اصطحاب هذه الأجهزة إلى قاعات الامتحانات، أو الذهاب إلى الاسئلة المقالية التي تحتاج إلى التحليل والتفكير والدراسة المرّكزة، والتي من خلالها تستطيع فعلا معرفة قدرات هذا الطالب من ذاك. الغش وسيلة رخيصة للنجاح، لا يستخدمها إلا أولئك الذين لا يستطيعون المنافسة الشريفة، وجب وقفها والتأكيد على القوانين الجامعية الصارمة لكل من يُضبط وهو يستخدمها.

drfaouri@yahoo.com