كتاب

التعليم التطبيقي

تتجه الأنظمة التعليمية الحديثة نحو اتباع أساليب التعليم التطبيقي أكثر من التعليم النظري من خلال مشاركة الطلبة في مجموعة من الأنشطة والمشاريع الصغيرة التي يقومون بتصميمها والعمل عليها مع المعلمين باستخدام الموارد المتاحة المتوفرة في البيئة المدرسية وذلك في خطوة لزيادة المهارات العملية التي يكتسبها المتعلمون.

لقد قامت العديد من الدول الغربية بتطبيق أساليب التعليم التطبيقي بعد عمل دورات تدريبية لمجموعة من المعلمين حتى يتم اكسابهم مهارات التطبيق العملي للمواد التي سيقومون بتدريسها.

لم يعد التعليم النظري يكفي ولم تعد أساليب الحفظ والتذكر الأصم مجدية في ظل تسارع التطور التكنولوجي الذي يفرض على الأنظمة التعليمية الحديثة سرعة التجاوب مع الواقع الجديد. ان التطور العلمي والتكنولوجي السريع سيغير الكثير في متطلبات سوق العمل وفي نوعية الوظائف والمهارات المطلوبة.

وهنا يحضرني مجموعة من التساؤلات خلال العشر سنوات القادمة أي في عام 2027 ما هي الوظائف التي ستندثر وما هي الفرص الجديدة التي ستظهر. ما هي المجالات التي نحتاج بها لاعداد كبيرة من الخريجين، وكيف سنطور قدرات ومهارات الاجيال القادمة لتكون أكثر قدرة على المساهمة بالتنمية وتلبية احتياجات سوق العمل.

ان الإجابات على هذه الاسئلة يجب أن تكون متوفرة في الاستراتيجيات المعدة لإصلاح وتطوير التعليم.

لابد من وجود تصور واضح لماهية المهارات والقدرات التي يجب أن يكتسبها المتعلم، وما هي المهارات الأكثر أهمية في سلم الأولويات التي يجب أن يكون قد اكتسبها خريج النظام التعليمي.

فالتطور المتسارع حتماً سيخلق فرص عمل تحتاج مهارات جديدة وان لم تشارك الأنظمة التعليمية بتوفير مخرجات تعليمية تمتلك قدرات ومهارات تحاكي الواقع الجديد والذي سمته التغيير السريع ستكون النتيجة مزيدا من البطالة وحملة شهادات علمية دون القدرة على الاستفادة منها رغم أن الأصل في التعليم أنه استثمار لتحسين فرص الحياة والعمل.

ان تطوير المناهج وتحسين البيئة المدرسية وتدريب وتطوير المعلمين المستمر هي حلقات مكملة لبعضها البعض وبالتالي على القائمين على اصلاح البرامج التعليمية أخذ هذه الحلقات بعين الاعتبار. لابد من العمل على جميع الحلقات السابقة بشكل متواز فلا مناهج متطورة بدون معلمين مدربين ومواكبين للتطور التكنولوجي والعلمي ولا تطور لكليهما بدون بيئة تعليمية صحية تحتوى على عناصر وموارد مادية داعمة للعملية التعليمية. إضافة الى أهمية التحول نحو التركيز على الجانب التطبيقي في التعلم أكثر من النظري حتى مسألة الرياضيات يجب أن تصاغ بطريقة تُمًكن المتعلم من معرفة كيف وأين يمكن تطبيقها في الحياة العملية.

عندما نتحدث عن زيادة مؤشرات البطالة بنسب عالية وغير مسبوقة فأننا قد نعزي ذلك في معظم الحالات الى الوضع الإقتصادي المتراجع وقلة الموارد التي قلصت الفرص.

ولكن في ظل تطور اقتصاد المعرفة والتسارع التكنولوجي الهائل الذي يفرض عالما مختلفا لن نستطيع أن نعتبر قلة الموارد مبررا حيث أن العالم اليوم متجه نحو الاستثمار في رأس المال الفكري والمواهب والابداع والابتكار والتميز.

وبالتالي علينا تطوير مناهج وأساليب التعليم بما يدعم التحول نحو الاقتصاد الرقمي والمعرفي. وللقيام بذلك لابد من التنسيق بين الأنظمة التعليمية في مرحلة المدرسة ومؤسسات التعليم العالي وسوق العمل. ان التشبيك والتعاون والتنسيق بين الجهات الثلاث هو ما يضمن تحقيق تطوير حقيقي في مخرجات التعليم بما يؤثر في التنمية ويغني سوق العمل ويقلل نسب البطالة.

A_altaher68@hotmail.com