كتاب

القمة العربية تحويل مسار العربة

مجرد أنَّ يجلس الزعماء العرب مجدداً إلى طاولة واحدة بعد زلزال الربيع العربي الكارثي هو نجاح كبير للدبلوماسية الأردنية بقيادة الملك عبدالله الثاني، وإشارة واضحة أنَّ الأردن وقيادته محط توافق لدى جميع الأطراف، فقد انتهجت السياسة الأردنية خطاً واضحاً ومبادئ ثابتة إزاء جميع الأزمات التي تعرض لها العرب، وطالب الأردن دائماً بوقف الاقتتال واللجوء إلى الحلول السلمية وتغليب مصلحة الشعوب وخياراتهم على مصالح أطراف وفئات تدفع صوب مزيد من العنف وإثارة الطائفية والانقسامات.

لقد رفض الأردن مراراً تدخل أطراف إقليمية في شؤون الدول العربية، وفي مقدمة هذه الأطراف إيران التي تمثل أهم الأسباب في إعاقة الوصول إلى حلول وتوافقات في الدول العربية التي تشهد حالة فوضى واقتتال داخلي كاليمن والعراق وسوريا، إلى جانب دورها المعتاد في لبنان، عدا عن المحاولات المتكررة للتأثير في خيارات وقضايا الشعوب في كثير من دول المنطقة.

ملف التدخل الإيراني في الشؤون العربية هو الملف الأهم على طاولة المباحثات في قمة عمان، وقد يكون توقيت مناسب للحديث بقوة لرفض هذا التدخل واتخاذ إجراءات على أرض الواقع ضد السياسة الإيرانية، خاصة وأن الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية ترى أنَّ إيران تمثل أكبر دولة راعية للإرهاب ولا تستبعد إدارة ترامب الخيار العسكري في التعامل معها.

وبخصوص القضية الفلسطينية فهي تمثل الملف الأكثر توافقاً بين الزعماء العرب من خلال الطروحات التي تطالب بإنهاء الاحتلال الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وقد تمثل القمة فرصة مناسبة لرفض مشروع الاستيطان الاسرائيلي والتأكيد على حل الدولتين، ومحاولة بناء توجه دولي يرفض السياسة الاسرائيلية والداعمين لها في الإدارة الجديدة في أمريكا، فقد أعلنت قيادات عدة في الغرب رفض ما اعلنته ادارة ترامب حول حل الدولتين ونقل السفارة الامريكية إلى القدس، حيث أكدت نحو 70 دولة شاركت في مؤتمر باريس مؤخراً أنه لا يمكن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلا من خلال حل يقوم على أساس وجود دولتين، وشددت على أنها لن تعترف بأي خطوات منفردة من أي اطراف يمكن أن تصدر حكما مسبقا على المفاوضات.

القمة العربية في عمان تمثل انعطافه مهمة وتحول في مسار الأحداث، وفرصة كبيرة لوقف التدهور في العلاقات العربية وتفكك اللُّحمة بينها، وبالتأكيد سيكون للقيادة الأردنية الأثر الواضح في توحيد الصف العربي وإزالة الإحتقانات التي تسبب بها تباين التوافقات إزاء ملفات عديدة لم ينتج عنها سوى مزيد من الخسائر للعرب دون رابح.

Rsaaie.mohmed@gmail.com