قبل فترة توفي (حابس علي ذياب), وهذا الجيل لا يعرفه, ولم يسمع عنه ولكني اذكر أن أبي, والذين عاصروا زمن السبعينات, والستينات يعرفونه جيدا ..وقد تحدثوا عنه مطولا وكانوا يصفونه بجملة (حابس زلمة صلف)..
وأتذكر في بداية التسعينات, أنه كان يأتي إلى قائده ..ورفيق دربه حابس المجالي في منزله على دوار الداخلية, وحين كان يأتي كانت وجوه الحرس تفرد له الإبتسامة, وتحمله العيون قبل الأكف...
حابس علي ذياب هو عقيد متقاعد من الجيش, أوكلت له مهمة حماية الرئاسة ومقر الإذاعة والتلفزيون, في فترة صعبة من حياة الوطن, لم يكن يجلس خلف كرسي منمق... ولكنه كان يقاتل بنفسه ويقتحم بنفسه, ويقرر.. وقرار حابس لا يرد, وهو الذي سدد (18) رصاصة إلى قاتل الملك عبدالله الأول, حين تم اغتياله على عتبات الأقصى, وتلك قصة يجب أن تروى للجيل الحالي..
حين تم اغتيال الملك, هرب القاتل.. وكان السلاح في يده, ويبحث عن ضحية أخرى, عن دم بريء اخر يسفكه على بوابات الأقصى.. كان حابس وقتها يحمل رتبة (شاويش) وحين سمع صوت الطلقات, اندفع إلى البوابة.. فشاهد القاتل وكان وجهه مقابلا لوجه حابس ويده على الزناد, وقبل أن يسدد أو يفكر بتوجيه المسدس إلى قلب حابس علي ذياب... سدد عليه من رشاشه (باغة ) كاملة...
قال حابس علي ذياب في جلسة ضمت بعض من خدموا معه:- (كانت الحياة ما زالت تسري في جسد الملك عبدالله الأول بالرغم من النزف, ولكن القاتل فارق الحياة على الفور, مات قبل الملك.. ولولا سرعتي في استعمال السلاح وتقدير الموقف, لكنت ضحية أخرى تسقط على عتبات المسجد الأقصى).
حابس علي ذياب, في معارك فلسطين لم يسدد طلقة خاطئة أبدا كل طلقاته كانت في الصدر أو الرأس, وكانت العسكرية الأردنية.. تسجل اسمه دوما في كتاب الشرف والبسالة.
غادر العمر, وهو حزين على حابس المجالي.. على المنزل الذي كان يرتاده كل أسبوع, كي يجلس بمعية القائد ويتبادلون الذكريات, وكان حزينا أكثر على الأمير زيد بن شاكر... فهو رفيق السلاح وحبيب العسكر وسندهم.. لم يهدأ هاتف المنزل يوما, حين كان الأمير على قيد الحياة, فهو دائم الاتصال به.. وكان يطمئن دوما عنه.
سلامي لك, يا غيمة الشوبك المليئة بالمطر والخير... وأعرف جيدا أن شابا ربما من الشوبك أو الكرك أو معان.. سيبحث عنك في الأرشيف وفي عقول جيل عاصروك, وفي ملفات القوات المسلحة.. وسيكتب عن عملاق شوبكي أدى واجبه تجاه وطنه ومليكه بكل ما تستحق المرحلة من بارود... وأنا أعرف أنك لا تحتاج لشارع كي يطلق اسمك عليه ولا تحتاج لميدان ..أنت تحتاج لبندقية تسمى باسمك, وتحتاج لزمن كامل يطلق عليه اسم:- زمن حابس علي ذياب...
صباح الخير.. إلى سيد البنادق, وأصغر رتبة تسلمت قيادة لواء في الجيش العربي, صباح الخير للذي أمضى العمر بين القتال والقتال ولم يمل ولم يشكُ..ولم يعكتف, بل عاش الحياة رجلا ومات رجلا.. ومن حق الشوبك أيها الكبير والعظيم.. أن تفتخر بأن رجلا ولد على جبالها ذات يوم, وكتب اسمه في سجل العسكرية الأردنية كبطل...
حابس علي ذياب عليك الرحمة.. وأعرف أن كلماتي لا تصل حد ذرة من كبرياء العمر الذي بنيته مدماكا فوق مدماك, ولكني كتبت عنك.. وإليك علّ هذا الجيل, ينتج حابس علي ذياب مرة.
Hadi.ejjbed@hotmail.com
مواضيع ذات صلة