تبذل أمانة العاصمة جهودا متواصلة بهدف المحافظة على الواقع الجميل لعاصمتنا الحبيبة وهي محل تقدير واعتراف، ففرق العمل المنتشرة ضمن حدود المناطق الممتدة تحاول بقدر محدد تقديم خدماتها للتسهيل على السكان والزوار، والمحافظة على رونق المدينة الجميل الذي يليق بالعاصمة الأردنية، وانتشار فرق التفتيش على المرافق والشوارع بالتوازي مع توفير عمال الوطن على مدار الساعة لديمومة النظافة بالمقارنة بعواصم البلاد الأخرى، فاصل يستحق ذكره بقائمة الخدمات خصوصا أن هناك سلوكيات تمارس بقذف الفضلات والمخلفات على الشوارع بالرغم من الإدراك المسبق بتلوث بيئي وشكل من أشكال الأذى للناظر والقاطن والعابر، وربما يحتاج الأمر لدروس توعية تبدأ بالبيت والمدرسة لصقل هذه السلوكيات بشخصية الأطفال، فلا يجوز أن تفسر الحرية بقالب الأذية أو تترجم بعمل بطولي.
هناك ظاهرة سلبية قد تساهم القوانين النافذة بمضاعفة آثارها السلبية والمتمثلة بالترخيص العشوائي للمطاعم والمقاهي ضمن حرمة الشوارع الرئيسية، خصوصا بتلك الشوارع ذات البعد الحيوي لاستمرارية انسياب حركة السير ليلجأ أصحابها بتحويل مساحة مقدرة لمواقف سيارات المرتادين على حساب الأرصفة بل واحتلال المسرب المحاذي للرصيف لقضاء حاجته وإن كان المعتقد أن ذلك يحتاج لدقائق، تصرف يمارس باستفزازية فيؤدي لإزدحام الشوارع بحركة المرور نتيجة إقتطاع جائر من المساحة الخدماتية التي يفرضها القانون، فسمح هذا الشكل من التساهل بتمادي البعض لحجز مواقف من الرصيف وحرمة الشارع بوضع اشارات تحذيرية بتخصيص تلك المواقف بشكل حصري لزبائن المؤسسة أو المقهى، بل فهناك خدمات إضافية لا أدرك مدى قانونيتها وصحتها بتوفير خدمة الاصطفاف مقابل أجور مادية تدفع بدون تحديد للجهة المستفيدة، فعكس الموافقة على الدفع تُعني بمنع الاصطفاف بالمناطق القريبة للمكان والتي هي محجوزة بواسطة أتاوات التنفيذ، واقع يفرض الازدحام والفوضى ويعطل مصالح المستخدمين للطريق، وربما أذكر على سبيل المثال الواقع المؤسف لدوار اليوبيل في منطقة الجاردنز- شارع الشهيد وصفي التل، بوجود تقاطع حيوي، أصبح محاصرا بالمطاعم والمقاهي التي فرضت تداخلات عجيبة بالنظرة للمصالح المتداخلة يؤزمها أبجديات القيادة المرورية التي لا تحترم القواعد بل تعتمد على فرض واقع الأنانية حتى لو كان ذلك على حساب سيارة اسعاف تنقل مريضا للمستشفى، أو موظفا في طريقه للعمل تحت بند الحرية غير المسؤولة. ربما الازدحام المروري بمنطق المجهول بشوارع العاصمة على مدار الساعة يضاعف من الآثار السلبية لهذه الظاهرة التي تشكل سحابة مؤذية لجميع أركان المعادلة المرورية.
هناك شكل آخر من اشكال الاعتداء على حرية المتسخدمين للطريق وتتمثل بإعتداء مبرمج بثوب البلطجة لتحويل الرصيف إلى ملحق للمطعم او للمقهى أو النادي أو المؤسسة، واقع يجبر المشاة على استعمال الشارع للمرور، حيث تتضاعف الخسائر البشرية بسبب الواقع لمخططات التنظيم، فهناك مثلث هرمي يحكم العلاقة، راسه الأول الشوارع المزدحمة الضيقة بشكل نسبي، بينما رأسه الثاني بوجود أعداد هائلة من المركبات التي تستخدم الطريق تفوق القدرة الاستيعابية عندما توافق أصحاب القرار على مخططات التنفيذ، وأما رأسه الثالث فهو الازدحام المفتعل من الاعتداءت المبرمجة و/أو العشوائية على حرمة الطريق، ليؤسس لرسم بياني بين هذه المعطيات ويخلص بالنتيجة بمضاعفة الخسائر بشتى اشكالها، فتصرفاتنا الفردية والجماعية ترتدي ثوب الأنانية بالرغم أننا ننظر بجلساتنا ومطالبنا منتقدين تلك السلوكيات الغريبة بعد تناول عقار التغاضي أو النسيان عما يبدر منا كشركاء بهذه السلبيات.
العقوبات التي تمارس لتحجيم هذه الظاهرة تجعل نسبة من الملتزمين ضحايا لتطبيق العقوبات أو المخافات خصوصا تلك التي يحررها رقباء السير بذريعة الوقوف الممنوع أو المزدوج بعد التساهل مع فئة الحقت الضرر بالنسبة الأكبر من المواطنين، فدفعتنا وأرغمتنا على ارتكاب مخافات مرورية نتيجة حرماننا من استخدام الرصيف أو مواقف الخدمات التي هي جوهر التنظيم والتخطيط السليم، ويقيني بعدم إعفاء أصحاب تلك المصالح من الاشتراك بالمخالفة كان سببا رئيسيا لمضاعفة الفوضى والخسائر، فقوانين الأمانة بتطبيقها كفيلة بردع هؤلاء خصوصا أن رخص الممارسة تجدد سنويا، نافذة تمنع التجديد العشوائي بعد دفع الرسوم المادية، فالكشف الحسي السنوي من قبل الكادر المؤهل إضافة للزيارات الدورية التفتيشية سيساهم بتحجيم تلك المخافات على أن يُحذف مبدأ أسلوب الغرامة على المخالفة لضمان استمراريتها، نافذة قانونية يتنفس منها بعض المستغلين حتى لو تسببوا بمضايقة الآخرين.
أتمنى من معالي أمين عمان بما عرفناه عنه من العمل والجد والمثابرة والجرأة بمساندة من فريق العمل المؤهل، لمسنا نتائجها بشقها الإيجابي على الخدمات التي نتلقاها، بأن يأخذ هذه الملحوظة بعين الاعتبار، ولا مانع من زيارة شخصية بساعات المساء لمنطقة الرابية وشارع المدينة المنورة وشارع وصفي التل لمشاهدة نماذج واقعية على ما ذكرت، فالازدحام المروري في جميع الأوقات بشوارع العاصمة يمثل لغزا صعبا، ومعادلة تفتقر للمعطيات للوقوف على الأسباب لايجاد وسائل الحلول وبدائلها.
الترخيص العشوائي للمطاعم والمقاهي
11:00 8-2-2017
آخر تعديل :
الأربعاء