كتاب

كليب الفواز: مواطن معطاء مضى سريعاً

ليس من عادتي أن أفجع عندما أعلم عن وفاة قريب او صديق أبادله المودة، ليس ذلك بدواعي عدم الشعور بالحزن او الألم لفقد ذاك العزيز القريب مني دمويا او ذهنيا او اجتماعيا،انما لايماني بالله وادراكي أن لكل انسان اجلا وسوف يحين هذا الاجل فيوم برهة لا يعرفها هو ولا أنا ولا اي انسان بعيد عنه أوقريب اليه، وأن الانسان أي انسان عندما ينعى اليه مثل هذا الفقيد،لا يمكنه الا أن يصبر ويصمت ويدعو الله ان يتغمده بواسع رحمته وعظيم غفرانه.الا انني رغم مرور كل هذه السنين من المواقف الحياتية والنماذج الانسانية،خالفت عادتي قسرا وتجاوزت ألفتي قهرا،منذ شهرين فحسب عندما هرعت الى احد المستشفيات وفي ذهني أن شقيقي وائل يخضع للمساعفة من عارض على قارعة الطريق،ولكنني فوجئت بأنه لتوه قد فارق الحياة وفاضت روحه الى بارئها، فأصبت بالصدمة البالغة وعبرتني لحظات الألم البليغ.وما زلت اعيش احساس الفقد الى الحين.الى أن حلت نهاية الأسبوع الماضي وشهقت من اعماقي وأنا اتذكر ابتسامة محمود شتيان العجارمة الدائمة وهو يجلس قبالتي في اجتماعات المكتب التنفيذي للحزب الذي ينتمي اليه كلانا،شهقت بصدمة موته المفاجىء بعد افتراقنا بيومين وتذكرت بحرقة وانا اسمع نعيه بالهاتف واعود الى صفحات»الرأي»للتأكد من الخبر المفاجىء.

و ما هو الا يوم واحد حتى صعقت وانا امر على عبارات التأبين لهذا الفقيد،عبر الواتس أب،واذ بي اشاهد صورة كليب الفواز بطلعته البهية وانتقدت وضعها فيما بين ما كتب من تعليقات، فامعنت النظر وتمعنت بالمحتوى،فقرأت ما لم اكن اتوقع،لقد كان ما سطر في تلك اللحظة من صباح الأحد نعيا مؤلما ل «كليب الفواز» الذي فاجأنا برحيله المبكر وفارقنا بخطواته الوئيدة مسرعا، تاركا فينا الحزن العميق والخسارة الكبيرة على فقده ولا اعتراض على مشيئة الله ولا نطلب اليه من الله عز وجل الا الرحمة الواسعة.

لم اكن أعرف كليب الفواز منذ فترة طويلة،الا انني بحكم متابعتي للشأن العام،كنت أعرف انه دخل السلك الدبلوماسي مبكرا،بعد تخرجه من قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد،في الجامعة الأردنية،الجامعة الأم التي نمت لدى اجيالها المتعاقبة وخاصة في تلك الفترة السالفة روح الاعتزاز الوطني التي يترجمها السلوك الواعي للشباب الأردني الأمين على مصلحة بلاده وأهلها في كل حين. وكان الشاب كليب من ابرز هؤلاء الشباب الذين مضوا في بث فكرة تنمية الاعتزاز الوطني هذه واستمرت تشغله طوال عمله في السلك الدبلوماسي،وظل يحمل رسالة الأردن الهاشمية العربية الوسطية الواضحة،اينما ارتحل في سفاراتنا من نيودلهي الى نيويورك وغيرهما على امتداد العالم والوطن العربي،الى أن استقر به الواجب الوطني في عمان،منذ عشرسنوات ليختار عضوا في مجلس الاعيان ثم عضوا في مجلس الوزراء،وليواصل مسيرته الوطنية المشرفة عندما تنادى وبعض الشباب الأردني الى تأسيس حزب الاصلاح،وينتخب هذا الشباب بعينه امينا عاما لهذا الحزب الصاعد في فترة اجتياز الربيع الأردني اليانع،الذي تميز عن غيره من صنوف الربيع العربي والدامية في معظمها.

لم يترك كليب الفواز فينا نحن اخوته واصدقاؤه ورفاقه،ذكر سيرته العطرة وسيرورته النقية وسمعته الطيبة فحسب، بل رصيدا من المحبة له والثقة فيه والعرفان لشخصه السياسي والدبلوماسي والحزبي،والذي تعمق في دراسة التاريخ الأردني وكتب فيه عددا من المؤلفات والأوراق والمقالات،وعزاؤنا بزمالة رفيقة دربه انتصار العرموطي»أم ناصر»،التي رافقته الى كل الأنحاء وفي كل الوظائف وثابرت على خدمة القضايا الوطنية والقومية داخل الأردن وخارجه، وما تزال تنشط على هذا النحو من خلال قنوات المجتمع المدني.

dfaisal77@hotmail.com