كتاب

الأمن العام

أمس شاهدت كل (الفيديوهات) المرتبطة بعملية الكرك , وثمة أشياء يجب أن تقال في سياق هذه العملية , بعيدا عن تحليلات المتقاعدين الذين يبحثون عن بطولات في مرحلة ما بعد التقاعد ...

داعش تعدم المئات من عناصرها سنويا , بتهمة التخاذل ..بمعنى رفض القتال أو الهروب من المعركة , وأسوأ شيء في العسكرية الحديثة , هو الهروب من المواجهة , فما حدث في الموصل كان هروبا منظما ..للقوات العراقية أدى إلى سقوط المدينة ..

الشيء الجميل في عملية الكرك , هو أن جميع أفراد المخفر الذين هوجموا قرروا القتال , لم يهرب أحد منهم إلى قلب المدينة ...لم يجدوا جنديا واحدا مختبئا في القبو , لم يلتجىء أي ضابط منهم إلى المنازل المجاورة ...علما بأن تشكيل المخفر والعناصر التي تخدم فيه ليست قوة مؤهلة لقتال الشوارع ..أو التعاطي مع الإرهاب .

هذا يفسر العدد الكبير للشهداء ....لم نسأل أنفسنا سؤالا لماذا لم يلتجىء الشهيد الوكيل صهيب السواعير للمنازل المجاورة ؟ ببساطة لأنه قرر القتال ...ولماذا فعل الشهيد الحراسيس نفس الشيء , والرقيب علاء النعيمات ..وغيرهم من الشهداء ...الإجابة سهلة , كلهم دون استثناء واجهوا , وتلك أهم ميزة للجندي في الميدان ...

لم تخبرنا الصحافة أبدا , عن جندي من الأمن العام هرب ..لم تظهر الفيديوهات التي نشرت عن العملية , أي واحد من جنود الأمن العام يركض في الشوارع المجاورة , بعيدا عن المواجهات ..حتى الصور الملتقطة , لم تظهر أي واحد من مرتبات المخفر ..مستنجدا , أو صارخا خوفا من الموت .

للأسف مديرية الأمن العام , لم تعرف أن تدافع عن نفسها , ولم تعرف أن تقدم للناس حقيقة ما جرى , فهؤلاء أقبلوا على الموت ..والشهادة بدافع شخصي , ولم يهرب أي واحد منهم في ميدان المواجهة حتى لا يقال عنه تخاذل أو هرب ...

بعدعزل الرئيس مرسي هوجمت مراكز أمنية مصرية كثيرة , واستشهد بعض الجنود وهرب اخرون لحماية أرواحهم ..لم يقم الإعلام المصري بتوجيه اللوم لأي جندي , بالمقابل لدينا أشبعنا كل شيء نقدا ..حتى أن بعض المسؤولين السابقين في الأمن صاروا يحللون ما حدث من جانب عملياتي وجانب غير عملياتي ..وكأن المواطن خبير عسكري .

كان على مدير الأمن العام أن يظهر في مؤتمر صحفي ويقول للناس أن جنوده :- بالرغم من قلة السلاح والذخيرة ..بالرغم من أنه مخفر يتعاطى مع مدنيين وليس مجهزا لقتال الشوارع , إلا أن جميع أفراده قرروا القتال دفاعا عن الوطن والكرك والحياة ....هؤلاء مفخرة وسادة وكبار , هؤلاء ليسوا جنرالات أعياهم التقاعد , وصاروا يؤسسون شركات فيما بعد ..وهؤلاء ليسوا جنودا ..سكنهم الخوف , ووجدناهم ..يركضون في شوارع الكرك طلبا لمكان امن ...

غابت تلك النقطة عن الأمن العام , وكان يجب الإشارة إليها ...

نهاية الأمر , جنود الأمن العام مفخرة ...حماهم الله

Hadi.ejjbed@hotmail.com