كتاب

خطط تعديل سلوك العنف في الجامعات

يعاود جلالة الملك التأكيد على أن الجامعات هي بيوت الحكمة، وروافع التنمية، وخاصة في دولة تولي التنمية البشرية جل اهتمامها، وتسند إليها عملية التخطيط التنموي في معظم مجالاتها، فمن غير المقبول ان تسود فيها ممارسات تشوه أدوارها المأمولة التي انشئت من أجلها.

الجامعات الأردنية منجز وطني نفتخر به جميعاً، وقد استطاعت جامعاتنا الأردنية رغم ضعف الموارد المالية تحقيق انجازات علمية وفكرية رائدة، وإعداد طاقات بشرية مؤهلة تأهيلاً علمياً ومهنياً، ومع حداثة نشوئها قياساً للكثير من الجامعات العربية والعالمية فقد احتلت مراتب جيدة في تصنيفات عالمية عديدة، ولا تتقدم عليها في المنطقة العربية سوى بعض الجامعات التي تستقطب كفاءات علمية غير وطنية، إلى جانب حصولها على أموال تدعم مشاريعها من مصادر عديدة.

ما يغيب عن خطط الجامعات في الأردن استراتيجيات مكتوبة بصيغ تنفيذية تهدف إلى إعادة تشكيل الثقافة التي يجلبها الطلبة من مجتمعاتهم، والتي على ضوئها تتحدد تفاعلاتهم الاجتماعية وانماط تفكيرهم، وتقديرهم للمواقف، واتجاهاتهم حيال العديد من القضايا.

في التعليم يُنظر إلى الجانب الانفعالي في شخصية الانسان والمبني على مشاعره وأحاسيسه والقيم التي تتشكل لديه بأهمية بالغة تتقدم على أهمية ما يمتلك من معارف ومهارات، غير أنَ الإشكالية التي تواجه القائمين على عملية التعليم في مراحله المختلفة تكمن في صعوبة تشكيل انفعالات الطلبة وإحداث تغيير في مشاعرهم ووجدانهم، وتعديل سلوكاتهم.

في هذا الإطار باتت العلوم التي تهتم بكفاءة ومعايير منتجات المؤسسات التعليمة وخاصة في مرحلة التعليم الجامعي تولي اهتماماً كبيراً بخصائص المكون الانفعالي في شخصية الخريجين من المعاهد والجامعات، وكيفية تشكيل منظومة القيم لديهم، وقد توافقت على سبيل المثال دول الاتحاد الأوروبي على بناء دليل للشهادات الجامعية يتضمن إلى جانب المتطلبات المعرفية والمهارية معايير كفاءة تحدد القيم والاتجاهات المفترض تشكلها لدى الخريجين.

وتلجأ مؤسسات التعليم لبناء هذه المعايير إلى التركيز على مجموعة الأنشطة والفعاليات الأكاديمية والاجتماعية ضمن مجموعات الكليات والأقسام الأكاديمية والفرق التي تتشكل بفعل طبيعة الاهتمامات أو المواهب الرياضية والفنية وغيرها، الشيء الذي يفكك الارتباطات السائدة بين الطلبة غالبا والتي توصف بانها ارتباطات فئوية ومناطقية.

انتقال محركات التفاعل الاجتماعي السائدة في المجتمع الكبير إلى داخل مجتمع الجامعة وقصور خطط الجامعات في تعميق التأثير الإيجابي من خلال إعادة تشكيل ثقافة الخريجين ورؤيتهم لأدوارهم في المجتمع، هو السبب وراء ظهور العنف الجامعي وتشوه التفاعل الاجتماعي داخل الجامعة، لذلك بيَّن جلالة الملك أنَّ المطلوب من الجامعات العمل على غرس قيم المبادرة والابداع والريادة والمواطنة الفاعلة.

Rsaaie.mohmed@gmail.com