كلمة « عبقري « وُجدت منذ العصر الجاهلي قبل الإسلام .. وارتبطت هذه الكلمة باسم وادي عبقر.. هو وادٍ مشهور عند عرب الجاهلية قديماً.. لكن ما هو وادي عبقر؟ وأين يقع وادي عبقر؟.
وادي عبقر مكان مشهور جداً منذ القدم، ويقع هذا الوادي في شبه الجزيرة العربية، وتحديداً يقع في بلاد اليمن في حدودها الشّرقية مع سلطنة عُمان .
لكن الرّوايات تكاثرت حول المكان الصحيح لوادي عبقر.. ومن هذه الرّوايات يُقال أنّ وادي عبقر هو أحد الوديان العميقة الموجودة بالقرب من جبال مكة.. ومن الآراء الأخرى أنه يوجد في جبال نجد أوالحجاز! .
وسبب تسمية وادي عبقر بهذا الاسم نسبةً إلى جبل عبقر.. حيث يقع هذا الوادي أسفله.. وسُمّي بعبقر نسبة إلى أحدى القبائل الحجازية التي سكنت هذا الجبل .
ومن التّسميات الأخرى التي تناقلتها الرّوايات التّاريخية بكثرة حيث ينسب هذا الوادي في التّسمية إلى أحد كبار الجن ويسمى عبقر !! .
ويُقال إن الجن تفضّل أن تسكن المناطق البعيدة التي لا يقربها الإنسان خصوصاً في الصّحاري والجبال والأودية العميقة التي يصعب الوصول إليها.. وأنهم يعيشون ويسكنون ضمن مجموعة كبيرة .. فلا يقتصر المسكن على واحد أو اثنين وإنّما أكثر من ذلك، ولذلك يطلق عليه أحياناً بمملكة الجن !
عبقر والشّعراء ..
علاقة وادي عبقر بالشّعر ! يُقال أنّ الجن يقومون بأمور غريبة يعجز أن يقوم بها البشر، فهي تكون في أمور غير مألوفة وخارجة عن الإرادة و طبيعة البشر .. فمثلاً يصعدون إلى السّماء بلمح البصر، ولذلك فالجن يقومون بأمور خارقة، وعلاقة عبقر بالشّعراء.. يُقال إنّ هذا الوادي سكنه شعراء الجن، ولذلك ظهرت الأقاويل والرّوايات التي تقول بأنّ كبار شعراء العرب مثل امرؤ القيس و الأعشى وغيرهم أنّهم يتلقّون الشّعر من شعراء الجن في وادي عبقر .
لذلك فإنّ هذه الفصاحة و النّبوغ في الشّعر هي أصلها من الجن الذي لقّنه الشّعر، ويُقال أن هؤلاء الشّعراء قد التقوا بشعراء الجن في وادي عبقر أثناء ترحالهم وأخذوا الفصاحة منهم، ولهذا السّبب أي كلمة عبقر منسوبة للذكاء والقدرة الخارقة التي يقوم بها الجن الذين يسكنون وادي عبقر.. والله أعلم.
لافظ بن لاحظ
من أساطير العرب قديماً .. روى أحدهم يقول : أنه ومعه أناس خرجوا في سفرٍ ومعهم دليل في الصحراء اسمه «ابن سهم الخشب « وضل الدليل الطريق ! فقال لمن معه: باللات والعزى قفوا ..فنحن على حافة وادي عبقر، وأشار إلى بطن الوادي، نحو كثبان رمل مقمرة وناعمة، وإذا بكائن على هيئة إنسان يسوق ذكر نعام مربوط بحبل من الكتان ، وكان مقبلاً من عمق الوادي، فاستوحشنا منه حتى الأبل بدأت ترغي وتتراجع بنا إلى الوراء، وكان هذا الكائن العجيب أطول من الناقة .
ويُكمل الراوي قائلاً : ورأينا ظهره عارياً، وفيه نمش أخضر، مثل طحالب تتشعّب على سطح ماء آسن، فارتعبنا. ووقف بعيداً عنا، وتلفّت نحونا، وحدّق فينا مدة جعلت فرائصنا تنتفض، ثمَّ قال للدليل: يا ابن سهم الخشب: من أشعر العرب؟.
و كان الدليل خائفاً فلم يُجب. فأكمل : أشعرهم من قال: ( وما ذرفتْ عيناكِ إلاّ لتضربي بعينيكِ في أعشارِ قلبِ مقتـلِ ) فعرفنا أنّه يقصد امرؤ القيس. فقال الدليل: « باللاّت والعُزّى ومناة الثالثة الأُخرى، مَنْ أنت ؟ ! ورجع إلى الوراء حتى كاد يقع. فقال : « أنا لافظ بن لاحظ « من كبار الجنِّ، لولايَّ لما قال صاحبكم الشعر! ! ومضى، مقهقهاً.
فوقف دليل القافلة مذهولاً، وحدّق فيه حتى اختفى. قُلنا له : « فما تقول في هذا؟» فقال : « هذا لافظ بن لاحظ، شيطان امرئ القيس الذي يُملي عليه الشعر!! .
الإنسان العبقري ..
يتداول كثير من الناس كلمة عبقري .. فالعبقري هو الشّخص النّابغ الذي يأتي بفكرة ذكية خارجة عن العقل، أي فلان عبقري لأنّه يقوم بشيء غير مألوف أو خارج عن العادة والطّبيعة الفطرية .
و العبقرية هي كلمة لاتينية الأصل؛ أول من استخدمها هم الرومان؛ و هي تعني الميزة و الموهبة و الذكاء من حيث الكم و الكيف و النوع.
فالعبقرية تتطلب الاكتساب السريع و السهل نسبياً، و تتضمن الأصالة، و القدرة على الإبداع، و القدرة على التفكير في مجالات لم يسبق لأحد السير في أغوارها.
فالإنسان العبقري يختلف اختلافا جذريا عن الشخص العادي من الناحيتين العقلية و الانفعالية؛ فالعبقري يجب أن يقدم للعالم شيئا ذا قيمة فائقة.
وإن العباقرة يمتازون عن غيرهم من الأشخاص العاديين في قدرتهم على الانتباه المركز و المستمر، و يُخْشَى دائما أن تكون هذه القوة الذهنية من النوع السلبي؛ فأفكارهم تتوهج دائما، و يتصفون بالشرود الذهني الذي يستمر معهم لساعات.
من أكثر القدرات الواجب توفرها في العبقري هي: القدرة على التعلم، و القدرة على استنباط العلاقات، و القدرة على الإفادة من الخبرة، و القدرة على تصور المشكلات و العمل على حلها.
و على الرغم من أن الذكاء وحده لا يكون مقياسا للعبقرية؛ يوجد نظرية أخرى تنظر إلى العبقرية بأنها مرض عصابي و مرض عقلي.
فالعديد من العباقرة كانوا يعانون من الاضطرابات النفسية مثل: فان غوخ , إرنست همنغواي ,آنشتاين , ليونارد دافنشي , ابن خلدون , الخوارزمي , الرازي ، أديسون ، جاليلو ... الخ .
و لكي يكون الشخص العبقري مميزا عن الشخص العادي؛ يجب عليه أن يكون قادرا على اكتشاف شيء جديد و مميز و نادر في مجالات العلم و الفن الجمالي.
كيف تصبح عبقرياً ؟
يطمح الجميع أن يصلوا إلى درجة عالية من الذكاء، كي يكونوا عباقرة مثل العديد من العلماء العرب والأجانب، ولكن الطموح وحده لا يكفي، يجب على كل شخص أن يكون لديه نية صادقة، في الوصول لتلك المرحلة من الذكاء والتفوق.
كما يجب أن يكون لديه دافع قوي، يدفعه للأمام دائما ويجعله يحاول مرارا وتكرارا من أجل الوصول إليه.
فما هي العبقرية ؟ العبقرية هي تجمع عدد من الصفات في شخص واحد، فالشخص العبقري هو الذي يمتلك موهبة حقيقية ومعرفة شاملة عن كافة جوانب الحياة علمية كانت أو اقتصادية أو أدبية، كما أنه يمتلك مهارة فائقة تجعله قادرا على إنجاز الكثير من الأهداف، بالإضافة إلى التركيز الذي يعد من أهم الصفات التي يجب توافرها في الشخص العبقري.
كيف تصبح عبقرياً ! ؟ إنه السؤال الذي حيَّر الكثير من الأشخاص، الذين يفكرون في الطريق الذي ينتهي بهم إلى العبقرية والذكاء الخارق، فالجميع يحاول إيجاد الطرق التي تساعدهم على الوصول إلى مكانة العلماء والمخترعين العباقرة الذين يتحدث العالم عنهم .
من أهم الطرق التي يجب على الشخص السير فيها كي يصل إلى العبقرية:
- المثابرة : قال العالم البرت اينشتاين، أن المثابرة من أهم الطرق التي يجب على الشخص سلوكها من أجل الوصول للعبقرية، فالشخص الصبور هو القادر على التجربة مرة واثنتين , من أجل الوصول إلى الهدف الذي يسعي إليه، فمحاولة الشخص مرارا وتكرارا دون أن ييأس يجعله يصل إلى ما يبحث عنه وما يريد إثباته، الأمر الذي يجعله على المدى القصير عبقرياً.
-العمل : العبقرية لا تقتصر على الذكاء فقط، ولكن الاجتهاد والعمل والتفكير طوال الوقت في حل المشاكل، هو من يجعل الشخص عبقرياً ، فجميع العباقرة أكدوا أن العبقرية 1% موهبة و99% اجتهاد وعمل، فلا يوجد عباقرة بالفطرة , بل هناك أشخاص مجتهدون يسعون لتحقيق ما يحلمون به، ولا يوجد شخص فاشل، فالفاشل حقا هو من يكف عن المحاولة.
-الفضول : دائما ما نسمع أن الطفل شديد الفضول، الذي يطرح العديد من الأسئلة ويسعى لمعرفة أصل الأشياء، وهذا سيكون ذكياً ومتفوقاً عندما يكبر، فحب الاستطلاع يساعد الشخص على اكتشاف أشياء جديدة، وربما يصل إلى بعض النظريات التي لم يتمكن غيره من التوصل لها، وبالتالي يجب على الشخص ألا يحرم نفسه من السؤال والبحث حتى يصل إلى أصل الأشياء وحقيقة الأمور.
-المعرفة : يعتقد الكثيرمن الناس أن المعرفة هي تجميع أكبر قدر من المعلومات، ولكن هذا الاعتقاد خاطئ تماما، فلا يمكن للشخص أن يكون لديه معرفة حقيقية دون أن يكون لدية خبرة كبيرة وخاض الكثير من التجارب، فأي شخص يمكنه جمع الكثير من المعلومات دون أن يبذل أي جهد، ولكن ما يفرق بين الشخص العادي والشخص العبقري، أن العبقري يحصل على المعرفة من خلال العمل لاكتساب الخبرات، فاينشتاين قال أن ” الثقافة هي كل ما يتبقى في عقولنا بعد أن ننسى كل ما أخذناه في المدرسة”.
-استغلال المواهب والإمكانيات : في البداية يجب على كل شخص أن يتعلم قواعد اللعبة أولا، وبعد ذلك يفكر كيف يلعب أفضل من الآخرين، بمعني أن يدرك الشخص حدود موهبته وإمكانياته وما يستطيع أن يقدمه، وبعد ذلك يبدأ يفكر كيف يتخطى تلك الحدود كي يفعل المستحيل، فالشخص العبقري هو من يستطيع فعل ما يراه الآخرون غير معقول ويستحيل حدوثه.
-ارتكاب الأخطاء : لا يمكن لأي شخص أن يتعلم دون أن يرتكب أخطاء ، فالشخص الذي لا يرتكب أخطاء – أي المحاولات الكثيرة في التجريب - لا يمكنه أن يتعلم أي شئ جديد، وذلك حتى يصل إلى ما يريده.
عبقر .. جبل أم وادٍ؟
12:00 1-12-2016
آخر تعديل :
الخميس