من الاقوال الجميلة لالبرت اينشتاين التعليم ليس تعلم الحقائق بل هو تدريب العقل على التفكير. أما ايمانويل كنت وهو فيلسوف الماني فقال لكي تغيروا المجتمع ينبغي اولاً أن تغيروا العقول السائدة فيه عن طريق التعليم والتثقيف. أن التعليم هو الجسر الذي يربط بين الحاضر والمستقبل ولا يمكن لإحد أن ينكر أهمية التعليم ودورة في بناء مجتمعات متطوره.
لقد قرأنا في الصحف والمواقع الالكترونية اخباراً حول دراسة امكانية قبول طلاب توجيهي للسنوات الماضية حصلوا على معدل اقل من 60% للتعليم التقني فقط في خطوة لإنقاذ الازمة التي تمر فيها الجامعات الخاصة نتيجة لتناقص عدد الطلاب. اضافة الى كشف النقاب عن أن الحكومة ستسهم في إقرار خطة تسويقية للجامعات الاردنية كافة في الخارج وسيشارك في تنفيذها عدد من الوزارات كالداخلية والتربية والتعليم والسياحة والخارجية وشؤون المغتربين أضافة الى التعليم العالي وهيئة الاعتماد.
وتم الاشارة الى أن مبررات إنشاء الجامعات الخاصة في الاردن قبل حوالي ربع قرن كانت لاستقطاب طلبة وافدين، وان بعض الجامعات الخاصة في الاردن نجحت في استقطاب الطلبة من الخارج وكان لدى احدها 40% من الخارج – واحدى الجامعات كان 47% من طلبتها من الخارج في سنة 2015، دون الإشارة الى العدد الكلي للطلاب المتناقص سواء محلياً او طلاب من الخارج.
فكرة التعليم التقني اصبحت فكرة يتم تداولها بكثرة رغم عدم وضوح حدودها وتخصصاتها. التقني يتضمن مجموعة من التخصصات التقنية التطبيقية وهي لغة العصر ولا يمكن انكار اهميتها واهم ما تم ادراجه فيها وفق موقع مجلس التعليم العالي تكنولوجيا معلومات الاعمال، نظم المعلومات الحاسوبية، نظم المعلومات الادارية، هندسة البرمجيات، هندسة تكنولوجيا البناء، الشبكات، هندسة الاتصالات والالكترونيات، التصوير الاشعاعي العلاج الطبيعي، التخطيط الحضري وتطوير المدن، هندسة التكييف والتبريد، الهندسة الطبية والحيوية وغيرها من التخصصات التطبقية والمهنية (المهني) وغيرها من التخصصات.
كل التخصصات السابقة يتم ادراجها تحت مفهوم فني تقني تطبيقي وفي واقع الامر معظم هذه التخصصات لا يصلح أن يدرس بها الا ذو معدلات عالية الا عدد قليل منها ففكرة قبول طلاب للمعدلات اقل من 60% في التخصصات التقنية الافضل عدم الحديث عنها الا على مستوى الكليات لتحسين وضع كليات المجتمع فقط وبالتالي مشكلة الجامعات الخاصة ما زالت قائمة ولم تحل والحديث عن حلها بالتعليم التقني فكرة بعيده عن الواقع.
أما بالنسبة للحديث حول استقطاب طلاب من الخارج فكان نجاحها مضمون قبل ربع قرن أما الان فلا يعول عليه وخصوصاً أن كثير من الدول التي كان يستقطب منها طلاب اصبحت لديها عدد كبير من الجامعات التي تحقق نجاح وتستقطب وتعلم طلابها محلياً، الا من بعض اتفاقيات التعاون والتبادل الثقافي والذي واقعياً لن يحل مشكلة الجامعات الخاصة بشكل عملي. اذا اردنا أن نكون واقعيين علينا مواجهة الحقائق كما هي.
المشكلة الحقيقية أن لا احد يرغب في تحميل نفسة مسؤولية اتخاذ قرار بتخفيض معدلات القبول لبعض التخصصات بغض النظر اذا ما كانت علوماً انسانية أو تقنية أو غيره لاننا اعتدنا بأن الكثرة افضل و60 % اكثر من 55 % وبالتالي لا احد يريد أن يأخذ على عاتقه اخذا قرار بالتخفيض رغم أن عدداً كبيراً من الشباب الذين حصلوا على معدلات اقل من ستين ولم يتمكنوا من دخول الجامعات، أما يعملون في مهن بسيطة برواتب قليلة أو يعيشون حياة الفراغ واغليهم من الصنف الثاني.
قرار يحتاج الى جراءة في الطرح ومخاطرة في التطبيق مع ادراك تام للفتره الحرجة التي يمر بها الشباب في ظل انتشار التطرف والإرهاب وتفشي الكثير من الإفساد ومذهبات العقول. وبالتالي التفكير بتثقيف وتطوير الشباب بات اولويه ودخولهم الجامعات يحمي من دخولهم المتاهات والسجون بالنتيجة. لا احد يستطيع أن ينكر أن الطلبه يتطورون في الجامعات حتى بأسلوب تفكيرهم وتعاملهم وشخصياتهم.
يتزامن حل مشكلة الجامعات الخاصة مع حل مشاكل ضياع الشباب وضرورة تأهيلهم وتطوير قدراتهم في اماكن العلم فهي التي تستطيع حمايتهم من الانحراف والضياع والركض وراء الوهم والممنوعات ومذهبات العقل والوجدان.
أن أماكن العلم أن وجد فيها علماء مخلصون لرسالتهم العلمية والانسانية هي من يصنع القوى البشرية النافعة والمؤهلة لخدمة نفسها ووطنها.
هناك عدد من التخصصات التكنولوجية التقنية التي تؤهل الشباب لريادة الاعمال ولتحول نحو انشاء المشاريع الصغيرة المنتجه باستخدام التكنولوجيا وهي تضمن انطلاقهم نحو العالمية والاقليمية وليس السوق المحلي فقط فمثلأ تخصصات نظم المعلومات الحاسوبية ونظم المعلومات الادارية، وتكنولوجيا معلومات الاعمال اذا تم تحسين الخطط فيها وتركيزها نحو تقنيات وبرمجيات تطبق في سوق العمل وتم توجيه خططها نحو تأهيل الطالب نحو الريادية وتصميم المشاريع الصغيرة وعمل الشركات الرقمية الفردية سيحدث ذلك تغييراً في نوعية الخريجين وحلاً لمشكلة البطالة، اخذين بعين الاعتبار أن مهارات التكنولوجيا يتقنها معظم الشباب بغض النظر عن معدلاتهم في التوجيهي.
اضافة الى ما سبق هناك تخصصات انسانية تثقيفية يمكن أن تطور في الشخصية ومستوى الثقافة للمتعلمين لها فحتى من يمتلك مهنة فنية قد يرغب في تطوير مستواه المعيشي والثقافي بالحصول على شهادة جامعية. واخيراً هناك فئة ممن تمتلك عائلاتهم شركات ويرغبون في الحصول على شهادة جامعية بهدف التثقيف والحصول على المعرفة فقط وتمنعهم معدلاتهم التي دون الحد الادني المقرر من ذلك. وبالتالي لا ضير من تخفيض معدل القبول عن 60% في عدد من التخصصات في بعض كليات العلوم الانسانية اضافة الى التقنية بطريقه انتقائية ولفتره مؤقته تحدد بسنة مثلاً، فلا شيء يطور البشر كما يفعل التعليم.
A_altaher68@hotmail.com
مواضيع ذات صلة