كتاب

فيصل

قبل أيام , أقام مركز روح الشرق , معرضا فنيا لذوي الإحتياجات الخاصة والتوحد , وهو للعلم مركز متخصص في مساعدة هذه الفئة من الناس ..واحتضانها .

جاء لافتتاح المعرض , دولة السيد فيصل الفايز رئيس مجلس الأعيان ..واستقبلناه جميعا , فبالرغم من وجود التهاب في عينه ...وارتباطاته مع المجلس في عملية تشكيل اللجان والتحضير للرد على خطاب العرش ,إلا أنه أصر على الحضور قبل الموعد ...

حين افتتح المعرض , لم يطف على اللوحات , بل طاف على المشاركين من ذوي الاحتياجات الخاصة , ومرضى التوحد ..وتلك المرة الأولى في حياتي التي أشاهد فيها مسؤولا أردنيا رفيعا ينزل بكامل جسده إلى يد طفل من مرضى التوحد ويقبله على رأسه ويده ويحضنه ...لم يترك واحدا منهم إلا وطبع على جبينه قبلة..

البعض يتحسس من المشهد أحيانا , والبعض يغادر على عجل ..والبعض يوزع ابتسامات , ثم يشكر الحضور ويغادر ...لكن للأمانة هذا الرجل جعلنا جميعا نستغرب من بساطته , وعفويته وزعامته في نفس الوقت ...فقد أمضى أكثر من ساعة معهم , يمازحهم وينظر بعين المحب لكل واحد منهم ..وفي النهاية اشترى كل لوحاتهم , ووعدهم أن يضعها في منزله .

في مجتمع الصحافة , نختلف ونهاجم , وننقض ..على الكل , ولكننا دائما كنا نتفق على فيصل الفايز , فهو الشخص الوحيد الذي لم ينتج خصوما في معادلات السياسة الأردنية ....واستغربنا مؤخرا لحجم الهجوم الذي تعرض له كونه لا يستحق ذلك أبدا ..وكان بإمكانه أن ينتج ألف خصم , كان بإمكانه أن يخوض معتركات السياسة , ويبني أتباعا وأقلاما تسير معه وتكتب له..ولكنه ظل على سجيته البدوية متسامحا ..ومترفعا .

دون الزميل محمد القراله بعض تلك الصور على موقعه , وكنت اتمنى لو أنها نشرت على نطاق أوسع ,كي يرى الناس أن هناك مسؤولين ما زالوا يعيشون بفطرتهم البدوية , وببساطتهم ..واعتادوا أن يكونوا عونا للناس ولم يكونوا يوما فوق الناس أو سادة عليهم ...

فيصل من هذا النمط , عاش مع الناس خادما وعونا لهم , ولم يطرح نفسه أنه أكبر منهم أو سيدا عليهم ...

أدري أنني تأخرت قليلا في الكتابة عنه , وأكتب من قلبي لا مجبرا ولا متقربا ..ولا طالبا رضى من أحد , ولكن علينا أن نتذكر أن الزعامة السياسية في الأردن أول سماتها أن تحتضن الكل ولا تبني خصومات مع أحد ...وفيصل الفايز زعيم , فقد تركناه في لحظة ...يتصرف على سجيته حين افتتح ذاك المعرض ...وسجيته البدوية , هي من أخبرتنا أن هذا الرجل ما زال قادرا على إنتاج الحب والفرح ....

إن أكثر ما نحتاجه في هذا الوطن هو رجال ينتجون لنا الحب والفرح ..

Hadi.ejjbed@hotmail.com