محليات

معاقون منسيون في مراكز التأهيل

يعانون من اعاقات عقلية شديدة ومتوسطة كفيلة بحرمانهم من العيش بصورة طبيعية بين اسرهم التي لا تتمكن من توفير ما يحتاجونه من رعاية خاصة لهم ، لكن هذا الحرمان لا يتوقف عند حدود وضعهم بمراكز لرعايتهم بعيدا عن افراد اسرهم بل يستمر بنكران وجودهم من قبل اسرهم التي تتنصل من مسؤولياتها تجاههم وترفض التعامل معهم او زياراتهم بين فترة واخرى ليصبحوا بلا اسر.

هذه القضية تعاني منها غالبية مراكز رعاية ذوي الاعاقة العقلية بحيث يواجه العاملون بها والقائمون عليها معضلة التواصل مع اسر المعاقين الذين ما ان يلحقون ابناءهم بها حتى يتنصلوا من كافة مسؤولياتهم الانسانية تجاههم في حال احتياجهم لاجراء عمليات جراحية او اي تدخل طبي يتطلب موافقتهم عليها.

مشكلة حقيقية تواجه هؤلاء المعاقين غير المدركين لما يحدث من حولهم لكنهم يشعرون بمن يطرق ابوابهم خاصة من قبل اسرهم ولو مرة واحدة في السنة.

فئة منسية تعيش بلا امل تحتاج لمن يقدم لها الجانب الانساني المحمل بقليل من الاهتمام والتواصل ليبقوا على حقهم الانساني وعلى وجودهم بالرغم من اعاقاتهم.

وزير التنمية الاجتماعية وجيه العزايزة تنبه لهذه القضية اثناء زيارته الاسبوع الماضي لمركز الكرك لرعاية المعاقين عقليا من الذكور بعد ان استمع لمطالبة بعض متلقي الخدمة بالمركز زيارة ذويهم لهم وهم الذين يعانون من اعاقات متوسطة تمكنهم من البوح بمشاعرهم.

الوزير الذي استوقفه هذا الامر كثيرا اعتبر ان عدم زيارة اسر ذوي المعاقين لهم بالمراكز وعدم التواصل معهم لسنوات طويلة امر غير منصف بحقهم وهو حق انساني لهم كفلته التشريعات النافذة

حيث وجه الوزير المعنيين بوزارة التنمية الاجتماعية للبحث عن اليات غير تقليدية لتعزيز الاتصال والتواصل بين متلقي خدمات مراكز رعاية وتاهيل ذوي الاعاقة وذويهم من خلال اقامة حفلات غداء مشتركة وتنظيم الحفلات والرحلات الترفيهية والعمل على تيسير الحصول على وسائط نقل لاسرهم اضافة الى توجيه المتطوعين لتسجيل الجمعيات ذات العلاقة بتكريس حقوق ذوي الاعاقة في الاتصال والتواصل مع ذويهم لتفادي اصابتهم بالوصوم الاجتماعية التي لا يستحقونها.

وبالرغم من تثمين الوزير لالية العمل بالمركز والجهود التي يقوم بها العاملون به من حرص على تقديم افضل الخدمات للمنتفعين الذين يحتاجون الى جهود كبيرة وتعامل انساني معهم ورعايتهم ومراقبتهم على مدار الساعة الا ان قضية عدم تواصل اسرهم معهم وسعي الوزارة لتغيير هذا الواقع من خلال اليات جديدة سيسهم في ادخال الفرح لقلوبهم من خلال تواصل اسرهم معهم ومحاولة تغيير نمط التعامل السائد من قبل اسرهم.

الناطق الاعلامي بالوزارة فواز الرطروط قال ان ما عمل به الوزير بتوجيه الوزارة لايجاد اليات غير تقليدية للتواصل ما بين المنتفعين بالمراكز ذوي الاعاقة وبين اسرهم امر يحتاجه كل من يعاني من اعاقة وله سنوات بهذه المراكز معتبرا ان حال هؤلاء محزن لانهم محرومون من اي تواصل بينهم وبين اسرهم.

واضاف ان توجيهات الوزير حيال ذوي الاعاقة تكفل ايجاد حلول جذرية لمشكلة انقطاع الصلة بين متلقي الخدمات من مراكز الرعاية والتاهيل وذويهم والعائدة الى تهرب الاسر من مسؤولياتها في التنشئة والرعاية نحو ابنائها وبناتها من ذوي الاعاقة الملحقين بدور الرعاية من خلال تغيير عنوان اقامتهم وعدم الرد على المكالمات التي تردهم من قبل الاخصائيين الاجتماعيين وتبديل ارقام هواتفهم اضافة الى ان اسر هؤلاء يشعرون ان وجود فرد منهم يعاني من الاعاقة يعتبر وصمة اجتماعية عليهم ان يتهربون منها.

واشار الرطروط الى ان هناك حالات واقعية بالمراكز تدمي القلوب لعدم تواصل اسرهم معهم كحالة شخص من ذوي الاعاقة مضى على التحاقه في احد المراكز تسعة عشر عاما ولم يتلق خلال هذه المدة اي زيارة او اي اتصال هاتفي من قبل اسرته مبينا ان هناك حالات من ذوي الاعاقة مصابون بامراض مزمنة يلتحقون بمراكز حكومية تتهرب اسرهم من مسؤولياتها في حال احتياجهم لاجراء عمليات جراحية والتي تتطلب موافقة خطية من قبل اسرهم مما يعرض حياتهم للخطر.

واكد ان اسرا كثيرة لا تتجاوب مع مطالب القائمين على هذه المراكز بضرورة التواصل مع ابنائها واستقبالهم في مناسبات معينة كالاعياد او زيارتهم واشعارهم بوجودهم.

واكد الرطروط ان هذه القضية على قدر كبير من الاهمية كونها تمس فئة تعيش بمراكز رعاية المعاقين تقضي سنوات طويلة دون ان يطرق ابوابهم ايا من افراد اسرهم او يحاولون التواصل معهم ولو بزيارات خلال الاعياد والمناسبات مشيرا الى ان الوزارة ستبدا العمل على ايجاد اليات جديدة لدعم هؤلاء من خلال التواصل مع اسرهم وتنظيم حفلات ورحلات وحثهم على الابقاء على العلاقات الانسانية فيما بينهم كي لا يشعروا بانهم منبوذون بهذه الصورة المؤلمة.

فان كان قدر الانسان ان يعيش مع اعاقة تمنعه من البقاء باسرته التي قد لا تكون قادرة على رعايته فان من حقه ان يشعر بوجوده كانسان له الحق بالتواصل مع افراد اسرته ، فتسعة عشر عاما لاسرة لا تقوم بزيارة ابنها المعاق كفيلة بان تكون شاهدا على نمط تفكير الاسر وطريقة تعاملها مع ابنائها من ذوي الاعاقة الذين يدفعون ثمن هذا التجاهل وهذا التعامل غير الانساني من حياتهم يوميا وهم لا يستحقون المعاناة مرتين ، الاولى باعاقاتهم والثانية بنكران اسرهم لهم وحرمانهم من اي تواصل ولو بزيارة واحدة تبقي على الخيط الرفيع بينهم وبين الاخرين.