كتاب

أنا مسلم ..

أنا مسلم ..وقد اصطحبت أولادي إلى الصلاة معي يوم الجمعة , زود إبني الأكبر اتكأ على قدمي اليمنى , وياسر اتكأ على اليسرى أثناء الخطبة , كنت جالسا في صحن المسجد..وقد شعرت بأن الله قريب ويسمع دعوتي وأنا في بيته بأن يحفظهم لي ...

أنا مسلم ...وثمة شيء مهم مثل المنهاج ..يذبحني , وهو أني في قرى نائية في وطني اكتشفت أن ثمة عائلات , تأتي فقط لشراء أرجل الدجاج ..فقد وقفت قبل أسبوعين أمام محل خارج عمان , واكتشفت أني غبي جدا ..حين سألت البائع , عن سبب وضع الأرجل بهذا الشكل ولماذا لايقوم برميها في القمامة , وصدمت ساعة أخبرني بأنها تباع ..وهناك عائلات لا تملك ثمن شراء الدجاج ..فتستعيض عنه بشراء الأرجل ...حسنا في عمان , تتفنن بعض العائلات بشراء (اللاند كروزر) ...كل بيت أمامه (لاند كروزر) ...بالمقابل في قرى الصبر والحرمان ...تشتري بعض العائلات ..بفعل الجوع (أرجل الدحاج) ..لنقاطع الغاز الإسرائيلي أنا مع ذلك , لكن قبل الغاز هل من الممكن أن نقاطع البذخ والترف ..والأمراض الإجتماعية.

أنا مسلم ...وقبل فترة , شكا صاحبي الذي يملك محل ذهب من ضيق الحال وأنا أشرب معه قهوة في محله , واستغربت من مالك محل ذهب يشكو ..لكني فوجئت بحجم الأردنيات اللواتي زرنه من أجل بيع ذهبهن , ذهلت ..من خجلهن , وكيف تقسم واحدة بأنها اشترت العقد بضعف ما عرضه صاحبي من ثمن عليها ...في النهاية أخبرني صاحبي , بأنه يشتري المصاغ فقط ..فالناس صارت تبيع ذكرياتها ووجدها ومهرها ..بفعل الجوع , المنهاج ورق ..ولكن الأردنيات من لحم ومن دم ومن مشاعر ...نعم أنا مسلم .

أنا مسلم ..وصعقت قبل فترة , في المقهى حين تسمر الكل ..شباب وبنات وسيدات , أمام الشاشات لأن الحلقة الأخيرة من (أرب فويس) حامية نوعا ما , صعقت حين وجدت سيدة في أول الخمسين تبكي , فرحا لأن شابا وسيما فاز في المسابقة ...وصعقت لأن شوارع عمان توقفت فيها الحركة ...والكل أمام الشاشات , لم يجرؤ أحد على تحريم تلك الأشياء ..لم يجرؤ أحد على إطلاق فتوى عن تلويث المجتمع بتلك البرامج ..لم يتحدث أحد عن جيل صار همه الغناء والعزف وترك ..إنسانيته ووطنيته ..وشعوره بالاخر ..

أنا مسلم ...وكم شعرت بالوجع , حين انهال شعب كامل قبل فترة على مخرج تلفزيوني لأنه أخطأ في نشرة الأخبار ووضع علم تونس على الشاشة , بدلا من علم تركيا ..رجم وشتم عبر الفيس بوك والتلفاز حوله للجنة تحقيق , لأجل أنه أخطأ بين تركيا وتونس ..بالمقابل لم نحرك ساكنا , أمام مسلسلات تركية ..تعلم أولادنا الحب والخزي والإبتذال , ويتسمرون على الشاشات لأجل معرفة ..شكل العلاقات غير الشرعية , وحجم الحب فيها ...في العلم التركي نستفز ونخاف ونرجم ونلعن ..ولكن في مسلسلات العهر المدبلجة لانسمع رأيا ولا موقفا ...

أنا مسلم ...وفي المقالات التي نكتبها , نسمع ألف شتيمة وألف رأي وألف تجريح , ولكن على إذاعات (النيفيا) الليلة , وقصص الغرام التي ترويها المراهقات على مسمع مقدم البرنامج , يصمت الكل واقسم أن ذنب من رخص تلك الإذاعات أمام الله سيكون أعظم من ذنب غيره.