48 ساعة تفصلنا عن موعد «العرس الانتخابي»، ومن مفارقات هذا العرس، أن الكثيرين من الناخبين لم يحسموا مواقفهم حتى الآن، سواء بالنسبة للمشاركة بعملية الاقتراع أو اختيار المرشحين ، فضلا عن وجود نسبة من غير المهتمين ،أو الذين يشعرون بالإحباط من إمكانية إفراز مجلس نيابي بمستوى التطلعات ،بل أن البعض لا يعرف حتى الآن آلية الانتخاب ، التي تبدأ بالتأشير على القائمة ثم اختيار من يريد من المرشحين داخلها ، رغم حملات التوعية التي تقوم بها الهيئة المستقلة للانتخاب.
كانت القراءة الأولية لفكرة « القوائم الانتخابية « في القانون الجديد إيجابية ، بحكم أنها تدفن الصوت الواحد وتشكل رافعة للتفاعل الاجتماعي والسياسي ، على مستوى الدوائر الانتخابية التي اتسعت لتشمل المحافظة كاملة ، باستثناء محافظات العاصمة والزرقاء وإربد ، التي بقيت كل منها مقسمة الى عديد الدوائر، لكن التطبيق العملي لفكرة القوائم في «العرس الانتخابي» ،كشف أنها أقرب الى مصائد.
في كل دائرة انتخابية يوجد العديد من المرشحين ، الذين يمتلكون الحد الأدنى من الكفاءة لتمثيل الناخبين، ويستحقون التصويت لهم، لكن المعضلة أن هؤلاء موزعون في قوائم مختلفة ، ولأن القانون حدد للناخب اختيار قائمة واحدة، فقد فرض على الناخب ديكتاتورية صارمة ،وقطع الطريق عليه لاختيار من يعتقد أنه الأنسب للتمثيل ، من بين كل مرشحي الدائرة الموزعين على مختلف القوائم وبالتالي فإن البعض سيكتفي بالتصويت لمرشح واحد او اثنين ،في دائرة ربما يصل عدد مقاعدها الى عشرة ، ما يعني أن نسبة كبيرة من الأصوات ستهدر.
والسبب الجوهري في ذلك ، أن العناصر التي حكمت تشكيل القوائم تتراوح ، بين الأبعاد العشائرية والمالية وشخصية ومناطقية ، ووعود وهمية بالتوظيف وتقديم خدمات، والوزن الانتخابي للمرشح ، أما الغائب الأكبر في هذه الخلطة فهو البرنامج الحقيقي ،المبني على أرضية سياسية وفكرية ،ربما باستثناء نماذج محدودة جدا.
الكثير من المرشحين من النواب السابقين ، يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة « الفيسبوك».. الأكثر شعبية ، باستعادة مقاطع فيديو أو خطب ألقوها ، لتذكير الناخبين بمواقفهم «المجيدة» خلال فترة نيابتهم ، لكن في هذا السياق أوجه التحية للمهندس « عمر الفزاع « الذي تنبه الى جوانب أخرى، ربما تكون غائبة عن ذاكرة الناخبين ،وسط طغيان اليافطات والصور والاعلانات الدعائية ، فقد أعاد نشر في صفحته على « الفيسبوك « ، مواقف العديد من النواب السابقين ،الذين يمثلون إحدى المحافظات ، وتصويتهم بنعم أو لا على قرارات وتشريعات مفصلية ، تتعلق بشكل مباشر بمصالح الناخبين ومكافحة الفساد لعل ذلك يلعب دورا في عدم الوقوع في خدعة الدعاية الانتخابية ، التي سبق أن أشرت لها في مقال سابق ، باستحضار مقولة شهيرة « لابراهيم الدغرى»–الفنان دريد لحام « في «مسلسل الدغرى» الشهير، عندما كان يرد على سكرتيره الذي كان ينبهه ، لصعوبة تنفيذ الوعود التي يقطعها للناخبين، بقوله « أن هذه دعاية انتخابية.. وليست حقيقة انتخابية «.
والأحاديث التي تجري في المقرات ،لا تتناول البرامج والأفكار بل كيفية كسب الاصوات، وجمع الهويات وحشد الناخبين يوم الاقتراع ! لكن هذا « نداء أخير» للناخبين لضرورة التنبه الى نتائج قرار التصويت ، والاعتماد في ذلك على سيرة المرشح الحقيقية ومصداقيته ، وليس من هبط فجأة بمظلة.
حسب القراءات الموضوعية لتشكيلة المجلس المقبل ، وفق مختلف المعطيات ، فإنه لن يختلف كثيرا عن المجلس السابق السابع عشر، وعلى الأرجح أن تنفرط الكثير من القوائم بعد ظهور النتائج ، وقد تتشكل بعض الائتلافات المؤقتة لأغراض انتخابات رئاسة ومكتب المجلس واللجان، وستكون هناك كتلة واحدة متماسكة متجانسة سياسيا. أما تشكيل حكومة برلمانية ،فلا يزال الطريق الى ذلك بعيدا.
Theban100@gmil.com
مواضيع ذات صلة