كتاب

أيام قليلة قبل الانتخاب

ما هي الا ايام قليلة ويستحق علينا نحن الأردنيين الاستحقاق الدستوري الكبير والذي يقتضينا الواجب الوطني ان نقوم به ويناشدنا النداء الديمقراطي إن نلبي نداءه،الا وهو التوجه الى صناديق الاقتراع لندلي باصواتنا الشعبية الحرة الصريحة البعيدة عن الأهواء والمصالح الشخصية الضيقة ونختار من يمثلنا في مجلس النواب الجديد،الذي سيوجه البلاد الى مرحلة جديدة من التنمية والعدالة الاجتماعية. إذ أن الحياة الديمقراطية السليمة ترتكز على اشتراك المواطنين في مسؤوليات التفكير والعمل والتخطيط من اجل بلادهم،وعن طريق هذه المشاركة يتذوق الناس أهميتها ويمارسون طرقها وأساليبها وتتأصل فيهم عاداتها وسلوكها وتصبح جزءا من ثقافتهم وسلوكهم، وعلى عكس ذلك فان غياب المشاركة الشعبية يصيب مختلف البنى المجتمعية القائمة بضعف الاستعداد للتضحية ووهن الولاء الاجتماعي وفتور الهمة في المساهمة بالجهد المادي والمعنوي لمصلحة الوطن وبناء مستقبل اجياله.

وتشكل المشاركة بالانتخابات ترشيحا او تصويتا مدخلا لتفاعل أعضاء المجتمع في عمليات التنمية والاصلاح،هذا التفاعل الذي يولد الانتماء والقبول، فتفاعل الناس هذا سيشكل نوع من الانغماس والتعمق في هذه العمليات،فدافع الانتماء يولد تصميما لانجازها ينتج عنه نجاح عمليات التنمية والاصلاح،وبذا فان اقتناع أعضاء المجتمع وشعورهم بالانتماء لعملية الانتخاب تجعلهم يتفاعلون معها، ويتكافلون مع بعضهم البعض من اجل انجازها. إن المشاركة ليست عملية تنطوي على مجرد الموافقة السلبية على ما يتخذ من قرارات آو ينفذ من سياسات، وإنما تتعدى ذلك إلى حفز الطاقات الخلاقة التي يتحلى بها الأفراد والجماعات والتنظيمات.

ان الفترة المتبقية على وقت الانتخاب أيام حاسمة،ووقت تتراكض الساعات فيه على المترشحين والناخبين، لأن الصناديق ستحسم السباق بنتائج حاسمة، تنطوي عادةعلى المفاجأة، وتبدي تخوفا من الفشل وسط حسابات مسبقة عن حتمية النجاح واحتمالية الفوز،تبعا لشعورهم بأن شعبيتهم ستقودهم إلى الفوز، وبعضهم لظنه بأن وعود من تحدثوا إليهم سيوفون بها،أو أن الابتسامة وحسن الضيافة،ومد يد العون أو المساعدة،سوف تؤول الى أصوات تلقى بصناديق الاقتراع.الا ان ان الحسم بالحقيقة وكما ينبغي ان يكون في اختيارات الناخبين،والتي يحددونها بقناعاتهم،وبعيدا عن أي مؤثر آني، لا يحاسبهم فيه إلا الله وضمائرهم الحية، وهي التي ستحدد من هم أعضاء المجلس النيابي القادم ممن يتحلون بالنقاء والصفاء والنظافة والطهر، وكل مقومات المواطنة المتحلية بالبذل والعطاء والتضحية من أجل الوطن. وهذا هو دورنا كمواطنين بالمعركة الانتخابية، وحقنا بالتصويت وواجبنا بالمشاركة،وهذا الذي يحدد ملامح وخصائص النواب الجدد.

إن المشاركة الواعية والواسعة، ضمانة لدور المواطن في صنع مستقبل المجتمع،وإطار لجهد المجتمع في تأمين مستقبل ابنائه،هذه المعادلة التي إذا طبقها المواطنون فلن يضلوا وإذا حافظ عليها المجتمع فلن يخيب. ولنتذكر بهذه المناسبة الدعوة التي وجهتها الأوراق الملكية النقاشية للمواطنين لأداء واجبهم الوطني،بتولي المسؤولية الاجتماعية تجاه بلدهم،والتمتع بحقهم بالقيام بالمسؤولية الواجبة. لقد قطع جلالة الملك قول كل خطيب، في أوراقه الرفيعة الزاخرة، عندما وضع النقاط المضيئة على الحروف الكثيرة التي سبق للعديد من الأردنيين ومن مختلف الأطياف السياسية ومن أكثر من اتجاه فكري قد تحدثوا فيها ونادوا بالأخذ بها،ولكن الملك الرائد قد تروى وتدبر الأمر بشجاعة ووعي وشعور عميق بالمسؤولية التاريخية تجاه هذا البلد الآمن وتجاه الأمة الواحدة من حولها،وبشر بتشكيل حكومات نيابية تعكس الارادة الشعبية وتشرك مختلف الأطياف،بخطوات ثابتة ومستمرة، مما يقتضي أن يسعى الجميع لتغيير حقيقي يطال البنية الثقافية للمجتمع الأردني والعمليات السياسية التي تدار بها الدولة،مما يتطلب أن لا يحصر الناس تفكيرهم بمستقبلهم الشخصي،بل يتوجهون باهتمامتهم ومشاغلهم لاختيار بدائل التغيير الوطني الشامل نحو الأفضل.

dfaisal77@hotmail.com