كتاب

الأثر الاقتصادي للجامعات..!

...وفقاً لدراسة حديثة قام بها المكتب الوطني للبحوث الإقتصادية، تم الكشف من خلالها أن هنالك علاقة وطيدة ما بين عدد الجامعات في الدولة وناتجها المحلي الإجمالي، وكانت الدراسة الشاملة هذه بعنــوان

«الأثر الإقتصادي للجامعات» أدلة وشواهد من كل أنحاء العالم! وقد قيّمت هذه الدراسة الجامعات في 1500 إقليم في العالم، عبر 78 دولة منذ عام 1950، وبيّنت هذه الدراسة وبشكل واضح العلاقة ما بين انتشار الجامعات وتعافي وصحة الإقتصاد في هذه الدول، وأيضاً كانت الدراسة قد أشارت الى أنها: «وجدت أدلة قوية على أن زيادة عدد الجامعات يرتبط بشكل إيجابي مع نمو إقتصادي سريع لاحقاً». وبكلمات أخرى «إن مضاعفة عدد الجامعات يرتبط مع ارتفاع أكثر من 4% من الناتج المحلي الإجمالي لكل فرد في الدولة».

...ومع ذلك يكثر الصراخ والنقد على عدد الجامعات في الدولة الأردنية، فنرى العديد من المقالات التي تنتقد وبشكل غير عقلاني، وليس أساسه النقد العلمي الصحيح، بأن عدد الجامعات الأردنية وكثرتها، قد أضَّر في صحة التعليم العالي الأردني، وتناسوا أثر هذه الجامعات على إقتصاد الدولة، من خلال جذب الطلاب من الدول المجاورة، والعملة الصعبة التي يدفعونها لهذه الجامعات، وخلق فرص العمل في حين أن الدولة تعاني من صعوبة توفير فرص العمل، هذا عدا عن المشاركة في المسؤولية الإجتماعية لهذه الجامعات في أرجاء الوطن كافة، فهنا يوم طبي مجاني، وهناك بعثات مجانية، وخفض رسوم، وعمل مجتمعي دائم، هذا عدا عن توفير المشقة على أبناء الوطن للسفر الى الخارج للحصول على هذا التعليم، وكذلك التقليل من التسرب الإقتصادي المتمثل بالعملة الصعبة المدفوعة على هؤلاء الطلبة، للحصول على هذه الشهادات، والأهم من كل ذلك المحافظة على شبابنا الأردني نظيفاً من الافكار المتطرفة، والتي ربما يعود بها هؤلاء الطلبة من رحلتهم الدراسية.

...وأخيراً، لما يحاول البعض قتل وخنق والتقليل من قيمة جامعاتنا، وأنا اقصد هنا الجامعات الحكومية والخاصة معاً، وما هذه السياسات التي نشاهدها على الأرض اليوم، إلا دليل على أن هنالك من يفكر على المدى القصير فقط، ولمصالح آنية، ولإغراض شخصية، وليس هنالك تخطيط على المدى البعيد، حيث أنه كان الأجدر تصحيح مسار هذه الجامعات، والمحافظة على سمعتها الأكاديمية، وعدم التجريح والتشهير بها على جميع المستويات، وذلك لإن النتيجة النهائية لذلك، هو الأساءة الى سمعة التعليم العالي في الدولة الأردنية، والتي كان قد دُفع في سبيلها الغالي والنفيس حتى وصلت الى ما وصلت اليه. يقول جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في التعليم وأهميته للدولة الأردنية « ونصف ما يدرسون في الخارج، لا يعودون الى بلادهم، فلا يقتصر الأمر على خسارتنا لما يتمتعون به من خبرات تُشّكل مفتاحاً لمستقبل الأعمال، والعلوم، والتعليم، وأولويات محلية أُخرى، بل يتجاوز ذلك الى خسارتنا ما يتميزون به من معرفة تخص بيئتهم المحلية، وهذه المعرفة تُشّكل معيناً لفهم الواقع الثقافي والوطني، ونحن بحاجة اليها للمضي في مسيرة التنمية وفق حاجة شعبنا، ولضمان نجاح هذه المسيرة علينا أن نضع حداً لدائرة الهجرة هذه».

drfaouri@yahoo.com