.. تطرق الاستاذ عصام قضماني في مقالته «إنجازات وزارة السياحة» بتاريخ 6/8/2016 الى مصطلح غاية في الأهمية وهو السياحة الإبداعية، وقصد الأستاذ عصام أن تخرج وزارة السياحة من التقليدية الى الإبداعية، وانا لن أُعلق على النتيجة التي توصل اليها الاستاذ المحترم، وذلك لاننا نعلم واقعنا السياحي المر، والواضح للقريب والبعيد، ولكنني رغبت أن أوضح ماذا نعني بالسياحة الإبداعية، وهذا المصطلح لا يعرف معناه الإ المتخصصون في هذا العلم السياحي، ومن هنا كان من الواجب التطرق الى تعريفه وجوانب استخدامه، تعرّف السياحة الإبداعية بأنها» السياحة التي توفر للسّياح (الزوار) الفرصة لتطوير امكانيتهم الإبداعية من خلال المشاركة في حلقات (دورات) وخبرات تعليمية، والتي هي سمة من سمات المقصد السياحي التي يوخذ وينقل اليه السّياح».
ومن أمثلة هذا النوع من السياحة على سبيل المثال، النفخ في الزجاج في بيوت (BIOT) -الريفيرا الفرنسية، رقص الرمبا أو الفلامنجو-برشلونه، تحضير الخبز الفرنسي (Croissant)-باريس، أداء حفلة موسيقية في كنيسة-روما، المشاركة في فئة الطبخ-بانكوك، النسج حسب تقاليد المايا-غواتيمالا، انتاج موسيقى هادئة للاعصاب في أيبيزا، هذه بعض الأمثلة التي يتوق ويطمح السائح ان يعيش مثل هذه التجارب عندما يسافر الى مقصد سياحي ما!
.. الطريقة الجديدة في اكتشاف ثقافة اجنبية ما هو تجربة وعيش هذه الثقافة، وهذه الطريقة اصبحت تنمو وتزداد يوما بعد يوم وخصوصاً في العقود الأخيرة، في الوقت الحاضر، لا يرغب السياح اليوم ولا يتفقون مع المشاهد التقليدية في الجولات السياحية، وانما يرغب السياح بالشعور بانهم منخرطون بالحياة اليومية للمقصد السياحي، ولا يحبذون اعتبارهم كسيّاح.
.. أما عندما نتحدث عن أهم الأصول للسياحة الإبداعية، فلا بد وان نلحظ اليوم، بأن الطلب السياحي المتزايد على السياحة الابداعية، قد أدى الى زيادة الاهتمام لدى مدراء المقاصد السياحية والحكومات المحلية، الأغراء بفرصة جذب سياحة ذات قيمة عالية جعلها ببساطة تقوي وتعزز إرثهم الغير ملموس (ورشات عمل)، وتحقيق الاستخدام الامثل للبنى التحتية (أستئجار المباني).
ولكن ماذا عن توقعات السّياح، الدراسات تشير أن السائح يريد تجربة الثقافة المحلية وذلك بالمشاركة فعلياً بالنشاطات الابداعية والفنية المختلفة لهذا النوع من السياحة، يريدون التجربة والعيش من خلالها ليشعروا انهم كالسكان المحليين، لا يبحثون عن المناظر الخلابة والآثار، إنهم مجموعات من الهواة ويشاركون تجاربهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، انهم حصريون بالنسبة لطريقة سفرهم، عندما يعيشون تجربة السياحة الإبداعية لا يعودون يرغبون في المقاصد والسياحة التقليدية، أنهم ينفقون جزءا جوهريا من ميزانيتهم في سبيل تحقيق رغبتهم في ان يعيشوا التجربة والنشاط في السياحة الإبداعية، يستخدمون مزيجا من أنواع متعددة من السياحة في نفس الرحلة (إبداعي، الطهي، السياحة البيئية، السياحة البطيئة).
.. وأخيراً من أهم فضائل هذه النوع من السياحة (الابداعية)، أنها تعمل على تنويع العروض السياحية دون اي استثمار، وذلك فقط من خلال الاستخدام الامثل للإرث الملموس وغير الملموس الموجود في المقصد السياحي، آثار إيجابية على الربحية للبنى الثقافية والشكر بالطبع لهذا النوع الجديد من الطلب، منح سياحة نوعية مع قيمة مضافة عالية وقوة شرائية، الأصالة والإستدامة لإنها تستخدم الإبداع كمصدر أساسي، تأثير إيجابي على الثقة بالنفس للمجتمعات المحلية والشكر للاهتمام الجديد بثقافتهم وعاداتهم، أن خاصيتها غير الموسمية تسمح بتوزيع أفضل للنشاطات السياحية على مدار العام.
drfaouri@yahoo.com
مواضيع ذات صلة