كتاب

كورنيل ويست والعنف في أميركا ؟

( لن يكون هناك ابداً سلام بدون عدل، ولن يكون هناك هدوء بدون مساءلة، ولن يكون احترام للقانون بدون إنصاف ) كلمات قليلة تختصر معاني كبيرة قالها البروفيسور كورنيل ويست حين استضافته ايمي غودمان على DN في الشهر الماضي وسألته عن رأيه في مقتل ضباط الشرطة الثلاثة في باتون روج، وقبل ذلك مقتل الأفريقيينْ الاميركيينْ ألتون ستيرلنغ وفيلاندو كاستيل في دالاس والاحتجاجات في طول البلاد وعرضها ضد وحشية البوليس .. وكورنيل ويست لمن لا يعرفه، فيلسوف أسود، اكاديمي، مؤلف ، مفكر جماهيري وعضو بارز في حركة الاشتراكيين الديمقراطيين في اميركا وهو حالياً استاذ الدراسات الدينية في Union Theological Seminary وكان من مؤيدي بيرني ساندرز مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة الاميركية، وهو مؤلف كتب عديدة بينها كتابه الكبير (604 ص) The Cornel West Reader الذي أقتنيه منذ عام 2009 واعود له بين الحين والآخر، ومن اهم كتبه التي يشار لها بالبنان Prophetic Fire Black .

وفي حديثه مع ايمي غودمان اضاف ويست: عندما أسمع السلطات تدعو للسلم وتحض على الهدوء وتنادي بالمحافظة على النظام، اقول نعم، لكن هدفنا ليس غياب التوتر فحسب بل توفر العدل والمساءلة وحينما اسمع الرئيس اوباما يقول ان الهجوم على البوليس هو هجوم علينا جميعاً اوافقه لكني اضيف بان الاعتداء على السود خاصة الشباب منهم، هو ايضاً هجوم علينا جميعاً.. وفي الواقع إذا كان الهجوم على الشرطة اعتداءً علينا جميعاً فان الشرطة عندما تقمع وتضرب بشراسة وتقتل المدنيين بدون وجه حق تفعل ذلك بالنيابة عنا، وهنا اقف معترضاً لأقول لا، أنا ارفض أن تقتل نيابةً عني ! ومثلما أريد ان تعاملَ الشرطة بالاحترام والانصاف اريد أن أرى الشباب ذوي البشرة السوداء أو البنّية، الرجال السود والنساء السوداوات يعاملون ويعاملن ايضاً بانصاف واحترام . لقد جئنا الى هنا، الى كليفلاند، مع إخوتي واخواتي من مواطنيّ السود العزيزين وشاركنا أمس في مسيرة طويلة تهدف لاتخاذ الخطوة الجبارة التي ينبغي ان نخطوها بالتواصل مع الجماهير وبالمحافظة على روح المقاومة وبالدعوة الى وقف القتل، سواء اكان قتل المواطنين السود أم قتل العمال فالمسألة ليست فقط عنصرية، فهناك ايضاً قتل للعديد من اخواننا واخواتنا البيض لكن بنسبٍ غير متكافئة تميل كثيراً على الشوكلاته (الملونين) !.. ويجب علينا، نعم يجب علينا، أن نوقف قتل الشرطة فنحن هنا شركاء .. وبشكل عام هناك معاناة شديدة بسبب الاهمال الاجتماعي والحرمان الاقتصادي ، ففي كل يوم نرى مواطنين سوداً فقراء يصارعون ظروفاً قاسية ظالمة لا تكاد تصدق ، ولذلك ينبغي أن نكون قادرين على التحدث عن كل ذلك علناً وبصدق وأن نخرج بطرق واساليب جدية تفتح المنافذ أمام هذا الغضب الكبير والحنق المتأجج ..

وبعد .. فانا لا أنوي المضي قدماً في نقل كل ما دار في الحديث مع هذا المناضل الاميركي الحر فاضطهاد السود من قبل الشرطة الاميركية لم يتوقف منذ إنشاء الولايات المتحدة ورغم إلغاء العبودية (!) قبل زمان طويل في عهد الرئيس ابراهام لنكولن ، لكني اكتفي بنقل هذه الصورة غير العابرة بل المعبرة عما يجري في المجتمع الاميركي من مناهضة الظلم والقمع اللذين يؤديان حتماً لتفجر العنف على النحو الذي نسمع عنه في مختلف المدن الاميركية بين الحين والآخر، لكي استنهض همم ناشطينا من كل لون سياسي فنحن الذين نطالب العالم أن يتعاطف معنا فيما يقع في بلادنا وخاصة فلسطين من ظلم وحصار وعدوان واحتلال فاننا لا بد ان نتفهم ما يجري في اميركا ونقف الى جانب مظلوميها والمسحوقين فيها، ولا ننسى بالطبع ان كورنيل ويست هو من ابرز المفكرين الاميركيين الذين يتعاطفون مع الشعب الفلسطيني .