إن تطوير البنية التأسيسية للتعليم حتماً سيسهم في نقل المجتمع من حيز النمو العشوائي الى حيز النمو المخطط المنظم، فالتعليم خطوة جوهرية للنهوض وتطوير المجتمعات عموماً واصلاحها وتطويرها، وهو نقطة محورية يجب ادراجها في الخطط التنموية.
إن ربط التعليم بحاجات المجتمع المعاصر يشكل احدى أهم خطوات تطوير مخرجات التعليم. ويعتبر التعليم التخصصي احد عناصر التعليم الاساسية وهو جزء من منظومة التطوير المستمر الذي يعمل على تحديث المعارف التي يتلقاها المتعلم خلال فترة التعليم التقليدي، وهو يهدف الى تزويد المتعلم بمعارف ومهارات تخصصية يحتاجها في سوق العمل لتطوير الانتاج والكفاءة المهنية التي تجعل الخريج اعلى مستوى وأكثر كفاءة ومهارة للإنخراط بسوق العمل. إن الإنطلاق نحو التعليم التخصصي بات ضرورة لسد الفجوة التي وجدت بسبب تبني اساليب التعليم التقليدية. هذا التعليم سيسهم في اكساب المتعلمين المهارات العملية الدقيقة والتطبيقية بعيداً عن اساليب التعليم التقليدي التلقيني والتذكر الاصم الذي لا يسهم في تفعيل العقل البحثي الاستنباطي. لذلك لابد من التركيز على التعليم التخصصي الذي يعمل على زيادة قدرة المتعلم على استكشاف الحلول الملائمة لمتطلبات الواقع العملي الذي سوف يتفاعل معه مستقبلاً.
وبطبيعة الحال لن يحدث ذلك دون إعادة النظر في الخطط المعدة للبرامج الاكاديمية المختلفة. لقد بات الإبداع في استحداث برامج التعليم التخصصي الحديثة بما يتلاءم مع التطور الحاصل في مختلف مجالات الحياة أمراً مهماً ومتطلباً اساسياً. ومن امثلة برامج التعليم التخصصي ادارة المخاطر، ادارة الجودة الشاملة، التغذية التخصصية للرياضيين، التغذية العلاجية، التدريب الرياضي الوظيفي، التغذية والحميات، التغذية واللياقة البدنية، التسويق الاجتماعي، اصول الطب البديل، الأمن الصناعي، العلاقات العامة والاعلام وغيرها العديد من برامج التعليم التخصصي التي انتشرت في الدول الغربية وبعض الدول النامية لكنها لم تنتشر في العالم العربي حتى الآن رغم اضطرار العديد من الشركات للاستعانة بالخبراء من الغرب في كثير من النواحي التخصصية السابقة أكثرها إن لم اكن مخطئة الجودة والرياضة وغيرها من مجالات التعليم التخصصي. إن توطين التعليم التخصصي في المنظومة التعليمية يسهم في خلق قدرات وفرص جديدة في سوق العمل.
لقد اتجهنا في الاردن في السنوات الاخيرة نحو التعليم العالي وزاد عدد الحاصلين على شهادات الماجستير والدكتوراه هرباً من البطالة واعتقاداً أن الشهادات تُحسن فرص من يحملها نحو الأفضل. وحقيقية كثير ممن حملوا شهادة الدكتوراة لم يكن هدفهم الاكاديميا لكن الظروف ارسلت بهم للعمل الاكاديمي.
وكان الأجدر اللجوء نحو التعليم التخصصي الذي ينمي قدرات ومهارات المتعلم ويفتح له افاقا جديدة في عمله. أو على الاقل كان لابد من التنويع في الرسائل الجامعية المعدة لغايات الحصول على درجة الماجستير أو الدكتواره من خلال التحول نحو تعزيز فكرة التعليم التخصصي الدقيق أكثر فأكثر بما يمكّن المتعلم أن ينطلق نحو الشركات والمصانع ويتحول نحو التنمية والتطوير من خلال التعليم التخصصي الدقيق لذي حصل عليه.
وبطبيعة الحال لا شروط في جامعاتنا للقيام بالعمل الاكاديمي فلا التدريب على التفاعل والاتصال والتعامل مع المتعلمين مطلوب ولا خبرة لسنة أو أكثر في الكليات المتوسطه قبل التدريس في الجامعات متطلب، وحتى لا شروط تتعلق بنشر بحث في مجلة عالمية معتمدة. بالنتيجة زاد عدد الاكاديمين في الجامعات الاردنية وبقيت البرامج والتخصصات دون تغيير حقيقي جذري مما ادى الى وجود تحديات في قطاع التعليم وضعف في مخرجات التعليم وعدم قدرة واضحة على الانخراط السريع للخريجين في سوق العمل. وبالتالي آن الأوان للتغيير والتوجه نحو فكر اصلاحي حقيقي في مجال التعليم يخلق نهضة حقيقية في مجال التعليم العالي فكما تم تشكيل لجنة للاصلاح الاقتصادي في الاردن، اقترح لجنة أخرى لإصلاح قطاع التعليم العالي والنهوض به لمواجهة التحديات التي تواجه هذا القطاع ولحفظ الصورة المشرفة للتعليم فيه، واخيراً مقالي هو اضاءة صغيرة على التعليم التخصصي وضرورة اصلاح التعليم هذا الموضوع الذي يحتاج الى مزيد من البحث والدراسات.
a_altaher68@hotmail.com
مواضيع ذات صلة