القدس.. في قلوبنا تعيش أبد الدهر
وليد سليمان - يلفت انتباه المارة في شارع الأمير محمد في عمان هذه الايام .. وبالقرب من بيت الفن التابع لأمانة عمان الكبرى.. هذا المجسم الضخم والجميل لقبة الصخرة المشرفة والذي تم وضعه على سطح إحدى العمارات هناك.
وكان المبدع و المصمم المنفذ لهذا العمل الفني «مجسم قبة الصخرة» (نظام نديم نعمة) قد أكد لِ «اخر الاسبوع « حبه العميق لقبة الصخرة المشرفة الموجودة في القدس المحتلة ضمن منطقة المسجد الأقصى والحرم الشريف , لأن مسجد أو مصلى قبة الصخرة هو رمز ديني ومعلم تاريخي هام لدى المسلمين والمسيحيين والعرب, وتحفة فنية معمارية مدهشة , تعتبر من أجمل الأبنية المعمارية في العالم.
ومسجد قبة الصخرة هو من أقدم المباني الإسلامية والعربية التي ظلت محافظة على شكلها وزخارفها الرائعة منذ حوالي أكثر من (1300) عام وحتى الآن.
وفي لقائنا مع الفنان والنحات والمزخرف وخبير الديكور نظام نعمة أوضح أنه: من خلال هذا العمل «مجسم قبة الصخرة» يوجه تحية محبة واعتزاز لأهل فلسطين من عمان، وبالذات لأهل القدس المرابطين والمدافعين عن الأماكن المقدسة ، ولكل ما أوتوا من صبر وعزيمة وثقة وروح انتماء عظيم ، لهذه الأماكن المقدسة وتراب الوطن.
• ثمانية عشر شهرا شهراً من العمل
وقال الفنان نظام نعمة: إنني بدأت قديماً في التحضير النظري لهذا العمل المجسم لمدة شهرين , حيث أخذت بالتخطيط ودراسة صور قبة الصخرة من كل جوانبها, ثم الاطلاع على تاريخها وأهميتها عبر العصور القديمة, والدراسة لقياساتها و لأبعادها وزخارفها وفسيفسائها الجميلة, والمواد التي بُنيت منها قديماً.
وبعد ذلك.. قمت بتجهيز المواد اللازمة من هياكل معدنية وألواح إسمنتية ورخام إيطالي وصفائح النحاس الصافي...إلخ بدأت بالعمل بهذا المشروع والمجسم لقبة الصخرة في العام 2014 واستمر العمل بذلك لمدة (18) شهراً حتى اكتمل المجسم بشكله الحالي, والذي تألف من حوالي (1280) قطعة.
وهذا العمل مجسم قبة الصخرة كان العمل فيه وتنفيذه ليس بالأمر السهل, فقد كان صعباً لأنه عمل هندسي وزخرفي دقيق ومحسوب بالقياسات الدقيقة, حيث أن وزن هذا المجسم حوالي (6) طن, والاسكيل الهندسي هو (1) إلى (10), حيث أن ارتفاع مجسم القبة من قاعدتها الرخامية حتى أعلى الهلال فوق القبة هو (3) أمتار و(80) سنتمتر, وهو في الواقع للقبة الأصلية في القدس يبلغ ارتفاعها الحقيقي نحو (38) متراً.
هذا وكان المصمم والمنفذ لهذا العمل الهندسي والديني مجسم قبة الصخرة والذي يهديه لمدينة عمان، قد عمل على تقليد القبة الأصلية في القدس بشكل مطابق إلى درجة كبيرة ! - عدا الأبعاد من طول وعرض وارتفاع أي المساحات والأحجام – والتي جاءت مصغرة بالطبع.. فقد أحضر قطع الفسيفساء الملونة والتي تزين شبابيك مسجد القبة من مأدبا, ونفذ كتابات الآيات القرآنية مطابقة للأصل حيث الآيات القرآنية من سورة الإسراء {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}... تحت القبة, والآيات القرآنية من سورة ياسين والقرآن الحكيم... التي تلف الجدران الثمانية لمسجد قبة الصخرة.
• من تاريخ قبة الصخرة
وفي رجوعنا إلى تاريخ مسجد قبة الصخرة المشرفة فإن هذا المسجد في القدس كان قد بناه الخليفة الأموي ((عبد الملك بن مروان)) عام 72 هجرية أي قبل حوالي (1300) عام, ودام العمل فيه نحو (6) سنوات, وأشرف على بنائه المهندسان رجاء بن حيوة الكندي, ويزيد بن سلام.
ومسجد قبة الصخرة بناء معماري مثمن الأضلاع وله أربعة أبواب, وفي داخله الجدران على شكل مثمن الأضلاع وله أربعة أبواب, وفي داخله الجدران على شكل مثمن الأضلاع أيضاً, تقوم على دعامات وأعمدة اسطوانية الشكل, وفي داخل المسجد دائرة تتوسطها الصخرة المشرفة التي عرج منها النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء وفي رحلة الإسراء والمعراج المعجزة.
وتعلو الصخرة في الوسط قبة دائرية بقطر حوالي 20 متراً, مطلية من الخارج بألواح من الذهب.
والصخرة هي قطعة ضخمة من الصخر الأبيض تقع تحت القبة في وسط المصلى, طولها من الشمال إلى الجنوب حوالي (18) متراً, وعرضها من الشرق للغرب حوالي (14) متراً.
وحول الصخرة حاجز من الخشب المنقوش والمدهون, وحول هذا الحاجز مصلى للنساء, ويفصل بينه وبين مصلى الرجال حاجز من الحديد المشبك.
• الفنان النحات
وللفنان نظام نعمة أعمال مجسمة أخرى عن طريق فن النحت على الحجر مثل نحت بعض الحيوانات القوية مثل الأسد والنمر والنسر, فهناك منحوتة النسر الموضوعة عند إشارة دابوق منذ حوالي (15) سنة والمصنوعة من الرخام بوزن (4) طن كهدية من الفنان لمدينة عمان التي يعشقها جداً.
وسبق للفنان نظام أن قام بإنتاج (55) عملاً نحتياً فنياً موزعة ما بين المعارف والأصدقاء. وهو كذلك يمارس فن الرسم الزيتي مثل المناظر الطبيعية .
والفنان نظام فنان هاوٍ للفن التشكيلي فهو لم يدرسه في أية جامعة أو كلية.
• زوار الموقع
وقد لاحظنا وعرفنا أن العديد من الزوار المحليين والعرب والأجانب قد جذب انتباههم هذا المجسم الصغير لمسجد قبة الصخرة الموجود فوق سطح أحد المنازل في شارع الأمير محمد – وادي السير سابقاً – حيث قاموا بمشاهدته والاندهاش لهذا المجسم الذي يلامس شغاف القلوب والأرواح بتذكيرهم لقبة الصخرة الأصلية في الأقصى الأسير في القدس.
فهناك العديد ممن زار هذا المجسم الجميل من وسائل إعلام ومن طلاب المدارس والجامعات لأخذ الصور التذكارية معه, وكذلك بعض الأجانب من إسبانيا وأمريكا وفرنسا وبريطانيا والسويد.. حتى أن امرأة عجوز من الضفة الغربية أخذت تبكي عندما رأت المجسم وتذكرت أيام صباها في القدس الشريف.
وهنا.. نتذكر أخيراً بعض ما قاله وشعر به بعض المفكرين الأجانب قديماً حول الفن المعماري الإسلامي المميز لمسجد قبة الصخرة المعروفة عالمياً حيث أكد المؤرخ الفرنسي الشهير (غوستاف لوبون) قائلاً: (إن بناء قبة الصخرة في القدس هو أعظم بناء يستوقف الناظر.. وإن جمالها وروعتها لا يصلان إلى خيال بني البشر)!!.