في رحيل المبدع التشكيلي العالمي محمد مهر الدين ..انه شاعر أمتلك أسرار مراوغة الألوان!

تاريخ النشر : السبت 12:00 25-4-2015

 كتب: حسين دعسة

لعل اغلاق مقهى «الاوبرج» وسط العاصمة عمان لفترة-سابقة من العام الماضي والى الشهر الحالي- قد جعلتنا لا نلاحظ غياب الفنان التشكيلي العراقي محمد مهر الدين ،على الاقل عن عيوننا نحن الاصدقاء من الفنانين والكتاب الذين عرفوه عن قرب ؛ان كان في بغداد او في عمان..اذ كانت عيونه تتماوج مع تمازج الاحوال والالوان ،من على شرفة المقهى العماني وسط البلد.
..هكذا رحل «مهر الدين» ظهر الخميس الماضي..وترك ألوانه على ضفاف الحزن والألم..وما زالت طرية!

وفي الحقيقة
 في  يوم  2012 / 5 / 12 كتب الناقد  محيي المسعودي عبر موقع صحيفة  «الحوار المتمدن»، عن حال الفنان العراقي الراحل محمد مهر الدين وتحديدا عن السنوات التي مرت مؤخرا من حياته في عمان؛ بعيدا عن بغداد .
 ومما قاله « المسعودي « :انعكست احداث وتفاعلات السنوات الأخيرة التي عاشها الفنان التشكيلي العراقي الكبير محمد مهر الدين ما بين بغداد و   عمان» ، انعكست على الأعمال التي قدمها في معرضه الأخير - وهو المعرض الذي اقيم   في جاليري مقداد عناب الكائن في بيت الموسيقى في   عمان، مطلع نيسان من هذا العام (2012 ) .
وقد كشفت الأعمال المعروضة بألوانها وخطوطها وتكويناتها وأشكالها ومضامينها مدى التزام الفنان بخطه الفني الذي عرف به سواء على مستوى الأسلوب بكل مفرداته أو على مستوى الموضوعة الاجتماعية التي انفرد بها من بين مجايليه من الفنانين العراقيين, وعلى مستوى الدقة العالية في تنفيذ اللوحة . واذا كان مهر الدين قد تناول في معارضه السابقة موضوعات اجتماعية وسياسية مختلفة وطرح من خلالها افكاره ورؤاه وحتى انتمائه السياسي فانه اليوم في معرضه الأخير حاول الى حد كبير تحييد سطوة العقل على اللوحة الا في حدود تقنية صناعتها وقواعدها ومكوناتها المادية وقد اطلق العنان لمشاعره واحاسيسه وانفعالاته اكثر من عقله لتتولى صياغة مضمون وشكل اللوحة ورسالتها الى المتلقي وقد اظهرت بعض اللوحات المعروضة توترا كبيرا في مزاج مهر الدين وصل حد الصراع ، ذلك ما عبرت عنه بعض الخطوط المستقيمة والزوايا الحادة ، ومع أن مهر الدين اعتمد كثيرا على مزاجه المستفز نتيجة الغربة والوحدة القاسيتين وشعوره بالخذلان من قبل بعض أصدقائه الا أنه ظل متمسكا بمنهجه القائم على ان اللوحة من فعل عقل الفنان وليس من مزاجه وحسب .
ولفت الناقد الى انه :بتعدد اللوحات المعروضة تعددت القضايا الاجتماعية التي طرحها وتناولها الفنان مهر الدين فمن السياسي الفاسد المتلون حتى جوع الجسد وشبق الإنسان هناك ثمة صرخات في المعرض ولكل صرخة موضوعها الخاص المتصل بالموضوعات الآخرى فالجوع الجنسي ظهر في أكثر من لوحة ليتجسد بأشكال حيوانية وآدمية أما أنها تشكلت من نسج خيال الفنان أو من مخزون ذاكرته او استعاراته من الأثر والإرث التاريخي ، لم تكن ادميات مهر الدين في هذا المعرض آدميات طبيعية بل كانت مشوهة وممسوخة وبهذه الأشكال كان الفنان يعبر عن رؤيته للواقع الذي يراه أو يسمع عنه او يعيشه احينا . بل حتى الحيوانات جاءت مشوهة وممسوخة لأنه استعارها للواقع, كما في أحدى لوحاته التي كتب عليها – كلب بثلاث رؤوس - وفي ظل الحياة التي يعيشها مهر الدين وهو غير راض عنها بل ناقما عليها رأيت ان اغلب الألوان التي استخدمها هي ألوان معتمة تعكس الحزن والكآبة واليأس ولكن الصفة التي تعكسها أكثر هي الاحتجاج والغضب والتمرد والتذمر وأنا أراقب لوحات مهر الدين أقرأ فيها شدة عناده وأصراره و كبريائه الذي يصل به أحيانا الى حد الغرور والثورة .
الى ان ختم:  أن الألوان والأشكال والتكوينات بشكل عام في هذا المعرض تؤكد خصوصية الفنان محمد مهر الدين , خصوصيته الفنية والأسلوبية والرؤيوية وخصوصيته الشخصية الطبيعية كإنسان , ويتلمس المتلقي الخصوصية الأخيرة لمهر الدين من خلال خطابه البصري الواضح جدا في هذا المعرض ومن خلال ثنائية الرجل والمرأة التي تكررت في لوحات عديدة وهي تشير الى حاجة حقيقية للمرأة لدى الفنان .
..ها هي الاثار كلها تتوقف،الآلم والحزن يتوقف مع توقف قلب هذا الشاعر- الفنان!

 فنان متمرد
..ولعل الناقد الصديق صلاح عباس قد وضع قلمه على جراح الراحل وعالج معه اللون مرحلة فأخرى عندما قال عنه:ان أي فنان في العالم، وبخاصة الفنانين المحدثين والمجددين، يتسمون بصفة التمرد، وهذا رأي شائع لمشاهير الكتاب والباحثين في علم النفس والتربية والاجتماع والجماليات والفنون وسواها من الاتجاهات الانسانية في الثقافية والادب والفن.
 ..مؤكدا :الحديث عن مهر الدين هو ذاته الحديث عن بعض الرموز العراقية كجواد سليم، شاكر حسن، خالد الجادر محمود صبري إسماعيل فتاح ، بدر شاكر السياب، نازك الملائكة، سعدي يوسف، فؤاد التكرلي، غائب طعمة فرمان، وآخرين.

- فكيف لنا الاستدلال على تمردهم؟
..ويجيب الناقد بحرفية الدارس الباحث:

 ان نظرة فاحصة للواقع العراقي في تلك الفترة والمحصورة بين العقدين الرابع والخامس من القرن المنصرم، كفيلة باعطاء هذا السؤال اجابة عامة، ولكن الاجابة الخاصة تأتينا من كون الفنان محمد مهر الدين، من سكنة مدينة البصرة التي تبعد مسافة تزيد عن خمسمائة كيلو متر عن العاصمة، وان الفنان حين قدم الى بغداد فلابد ان يكون رأسه محملا باشياء تتعلق باثبات الذات من خلال التحدي بالفن، وهذا التحدي لايكون مؤهلاً، الا اذا كان صاحبه متمردا، فالفن في تلك المرحلة من تاريخ العراق، كان يمثل شيئا آخر، لا صلة له بمشكلات الحياة اليومية، وليس لنا به تراث فخم، ولكن النظرة الماركسية للفنان اعطته حق التحدي وتفهم الفنون والولوج من اوسع بوابات الحداثة، لان الثقافة العامة، في العالم، في تلك الفترة كان يتنازعها قطبان، الشيوعية في اوج تألقها، والامبريالية في عظمتها. لقد كان رواد الثقافة والفنون والادب الجديد في العالم معظمهم من الماركسيين او الشيوعيين، فلا غرابة ان نجد محمد مهر الدين، هذا الشاب المتوثب، المندفع بقوة حماسه وطموحه المشفوع بمنطلقاته الفكرية، وموهبته الفنية المتميزة، لكي يشارك في الابداع من موقعه. فالفنان وقبل ان يلتحق للدراسة الفنية في احدى مدارس بولونيا كان اسما معروفا في الوسط الفني العراقي وقد اشار اليه الفنان نوري الراوي في كتابه الموسوم «الفن العراقي الحديث» المطبوع سنة 1962، وكان يعده من الفنانين المهمين في العراق واعتقد ان السبب وراء اختياره الدراسة في بولونيا هو الاثر الرائع الذي تركه الفنانون البولنديون الذين التجأوا الى بغداد بعد الحرب العالمية الثانية وبقوا فيها لتدريس الفن في معهد الفنون الجميلة ببغداد.
يعتبر البعض ممن درس تاريخ الفن التشكيلي العراقي المعاصر وبخاصة الناقد شوكت الربيعي، في كتابه «لوحات وافكار» ان لهؤلاء الفنانين دوراً كبيراً على مسار هذه الحركة وانهم اول من فتح ذهنية جواد سليم في الاخذ بأهمية الموروث المحلي وتأسيس منهج فني خاص. لقد كانت الفنون الحديثة في تلك الفترة تمثل الذروة في تطورها، حيث الموض وحالة الابتكار والتجديد، فلم يشهد عصر في التاريخ البشري مثل ذلك العصر الذي يمثل نقطة تحول كبرى في التاريخ الحديث.

  الى ان يقول «صلاح عباس» ان :» مهر الدين» شهد ولادة هذه الفنون الجديدة وسمحت له الظروف للتعرف على الكثير من الفنانين العالميين والمشاركة معهم في المعارض الدولية، كما اطلع عن قرب على آخر التوصلات الفنية والتقنية في مجالات استثمار المواد الخام وتطويعها لصالح العمل الفني، فدراسة الفنان، كانت تتضمن التصاميم والرسم والطباعة اليدوية «الجرافيك» ولهذا وجدناه على الدوام متمسكاً في انجاز لوحات بالقيم الفنية والجمالية في فن التصميم فكان هذا الفن يعد فن العصر واحد اهم عناصر اللوحة لدى الفنان. فالتصميم لابد ان يتألف على شكل، والشكل لابد ان يكون جديدا ومغايرا، ولان هذا الفن طرق ابواب الحياة كلها فدخل بدون إستئذان الى الاقمشة والموبيليا والعمارة وتصميم المدن والسيارات والاجهزة المنزلية والصناعات الجديدة وحتى شمل شكل النص الادبي وربما دخل الى السلوك الانساني ذاته فصار مثل عالم واسع منفتح الآفاق. اما فنون الطباعة اليدوية (الجرافيك) فانها دربت ملكاته الادائية على تفهم الالوان الصعبة الرصينة كما مهدت له لوضع مقاربة بين اللوحة وبين العمل الجرافيكي.
..»مهرالدين»..تلك العيون اضعناها وغابت الى ان يخلدها الزمان ومتاحف المكان العربي الشرقي،الذي اضاع سحر الفن الأصيل.
الإ ان لروح «مهر الدين» قدرتها على ترك اللوحة امام «العين»الفاضلة..ولا تغيب.
[email protected]

.alrai-related-topic { width: 100%; } .alrai-related-topic .wrapper-row { gap: 27px; flex-wrap: nowrap } .alrai-related-topic .item-row { padding-right: 1px; width: 280px; } .alrai-related-topic .item-row .item-info { padding: 15px 15px 28px 16px; border: 1px solid rgba(211, 211, 211, 1); height: 118px; } .alrai-related-topic .item-row .item-info a { color: #000; color: color(display-p3 0 0 0); text-align: right; font-family: Almarai; font-size: 15px; font-style: normal; font-weight: 800; line-height: 25px; text-decoration: none; -webkit-line-clamp: 3; -webkit-box-orient: vertical; display: -webkit-box; overflow: hidden; } @media screen and (max-width:768px) { .alrai-related-topic .wrapper-row { flex-wrap: wrap } .container .row .col-md-9:has(.alrai-related-topic) { width: 100%; } .alrai-related-topic { margin-top: 10px; } .alrai-related-topic .item-row { width: 100%; } }
.alrai-culture-art-widget{border-right:1px solid #d9d9d9;padding-right:11px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1 a{color:color(display-p3 0 .6157 .8745);text-align:right;font-family:Almarai;font-size:24px;font-style:normal;font-weight:800;line-height:39px;text-decoration:none;padding-bottom:5px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1{margin-bottom:26px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1::after{content:"";position:absolute;left:0;right:0;bottom:0;background:linear-gradient(90deg,rgba(0,85,121,.05) 0,#009ddf 100%);z-index:1;height:3px;width:100%}.alrai-culture-art-widget .img-row{width:100%}.alrai-culture-art-widget .img-ratio{padding-bottom:58%}.alrai-culture-art-widget .item-info{padding:23px 0}.alrai-culture-art-widget .item-info a{color:#000;color:color(display-p3 0 0 0);text-align:right;text-decoration:none}.alrai-culture-art-widget .item-row:not(:first-child)>a{display:none}.alrai-culture-art-widget .item-row a{color:#000;color:color(display-p3 0 0 0);text-align:right;text-decoration:none;-webkit-line-clamp:3;-webkit-box-orient:vertical;display:-webkit-box;overflow:hidden}.alrai-culture-art-widget .item-row:not(:last-child){border-bottom:1px solid #d9d9d9}@media screen and (min-width:1200px){#widget_1703 .alrai-culture-art-widget{border-right:0px;padding-right:0}}
.alrai-epaper-widget{margin-top: 20px; max-width:250px}
Tweets by alrai
.alrai-facebook-embed{margin-top: 70px;}
#widget_2097 .alrai-section-last-widget {padding-top:35px;margin-top:0;} .alrai-section-last-widget .row-element .item-row .img-ratio{ display:flex; } /* Horizontal scroll container */ .alrai-section-last-widget .full-col { overflow-x: auto; overflow-y: hidden; -webkit-overflow-scrolling: touch; width: 100%; } /* Flex container - critical changes */ .alrai-section-last-widget .content-wrapper { display: flex; flex-direction: row; flex-wrap: nowrap; /* Prevent wrapping to new line */ align-items: stretch; width: max-content; /* Allow container to expand */ min-width: 100%; } /* Flex items */ .alrai-section-last-widget .item-row { flex: 0 0 auto; width: 200px; /* Fixed width or use min-width */ margin-right: 7px; display: flex; /* Maintain your flex structure */ flex-direction: column; } /* Text handling */ .alrai-section-last-widget .article-title { white-space: nowrap; /* Prevent text wrapping */ overflow: hidden; text-overflow: ellipsis; display: block; } /* Multi-line text truncation */ .alrai-section-last-widget .item-row .item-info a { display: -webkit-box; -webkit-line-clamp: 3; -webkit-box-orient: vertical; overflow: hidden; white-space: normal; /* Allows line breaks for truncation */ } /* Hide scrollbar */ .alrai-section-last-widget .full-col::-webkit-scrollbar { display: none; } @media screen and (min-width:1200px){ .alrai-section-last-widget::after { transform: translateX(0); } } @media screen and (max-width: 768px) { .alrai-section-last-widget .row-element .content-wrapper { flex-direction: row !important; } .alrai-section-last-widget::after{ transform: translateX(100%); right:0; left:0; } }
.death-statistics-marquee .article-title a,.death-statistics-marquee .title-widget-2 a{text-align:right;font-family:Almarai;font-style:normal;font-weight:700;line-height:25px;text-decoration:none}.death-statistics-marquee .breaking-news-wrapper{width:100%;display:flex}.death-statistics-marquee .breaking-news{background-color:#7c0000;padding:22px 17px 24px 18px;color:#fff;text-align:right;font-family:Almarai;font-size:22px;font-weight:700;line-height:25px}.death-statistics-marquee .breaking-news-content{background-color:#b90000;padding:22px 18px 24px 21px;color:#fff;text-align:right;font-family:Almarai;font-size:22px;font-weight:700;line-height:25px;width:100%;position:relative}.full-container .marquee-container-widget:not(.relative-widget) .wrapper-row{position:fixed;width:100%;right:0;bottom:0;z-index:100000}.death-statistics-marquee .marquee-container-widget .title-widget-2{width:75px;background-color:#757575;color:#fff;height:60px;display:flex;align-items:center;justify-content:center}.death-statistics-marquee .title-widget-2 a{color:#fff;color:color(display-p3 1 1 1);font-size:15px;padding:16px 18px 16px 15px;display:block}.death-statistics-marquee .content-row:not(.content-row-full){width:calc(100% - 100px);background-color:#000}.death-statistics-marquee .content-row marquee{direction:ltr}.death-statistics-marquee .content-row .img-item{display:inline-flex;height:60px;align-items:center;vertical-align:top}.death-statistics-marquee .content-row .article-title{height:60px;display:inline-flex;align-items:center;color:#fff;padding:0 15px;direction:rtl}.death-statistics-marquee .article-title a{color:#fff;color:color(display-p3 1 1 1);font-size:17px}.death-statistics-marquee .title-widget-2{width:100px}#widget_1932{position:static;bottom:0;width:100%;z-index:1}