لفت انتباهي مؤخرا مقالٌ للكاتب الاميركي (نير روسن) نشر بمجلة (كارنت هيستوري) الاميركية تحت عنوان :(موت العراق)، يصف به الباحث بمؤسسة (New America Foundation) بلد الرافدين بـ(المدمر) بسبب السياسة الاميركية، ولا يرى حلولا للوضع العراقي في المستقبل!. وبالتحديد كتب روسن: (دُمّر العراق وحُرم إمكانية النهوض من الأنقاض.. إن الاجتياح الاميركي أكثر فظاعةً من ذلك الذي نفّذه المغوليون في العراق في القرن الثالث عشر.. الحمقى وحدهم يتحدثون عن حلولٍ اليوم.. ما من حلول في العراق ولربما أن الأمل الوحيد المتبقي يقتصر على احتواء الضرر). يؤيد المفكر الاميركي (أفرام نعوم تشومسكي) حديث روسن .. ويصفه بأنه من أكثر الإعلاميين التزاماً واطلاعاً على مجريات الأمور في العراق من بين الذين ساهموا في تغطية هذه المأساة المروّعة منذ بداية الاجتياح الاميركي في العام 2003، وحتى الآن. المقال قادني ( بعفوية شديدة) إلى البحث عن إصدارات (روسن)، لاكتشف كتاباً ألفه في العام 2006، (كتاب) صعقني عنوانه، كان عنوانا لافتاً لدرجة أنني قلت في نفسي (هذا إنسان غير عادي) .. انه العنوان : (Belly of the Green Bird -The Triumph of the Martyrs in Iraq) هل هذا عنوان غامض؟.. (ربما)!. هذا الرجل يعرف ديننا بأدق تفاصيله، يعرف نبينا (عليه الصلاة والسلام) أكثر ممن يعرفه الكثير من أتباع الدين الحنيف!، وأكثر ممن يظنون بأنهم على الطريق السوي. هذه ترجمة حرفية لعنوان كتاب روسن: (في بطن الطائر الأخضر - انتصار الشهداء في العراق)!. من يدقق في العنوان، يجد ان (روسن) استوحى عنوان كتابه من حديث قدسي للرسول عليه السلام يتحدث فيه عن أرواح الشهداء، حيث روى لنا ابن مسعود رضي الله عنه عن الرسول عليه السلام انه قال: (ان أرواح الشهداء في جوف طير خضر لها قناديل معلقة تحت العرش، تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم فقال: هل تشتهون شيئاً؟.. قالوا.. أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ .. فيفعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لم يتركوا من ان يسألوا، قالوا.. يا رب، نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نرجع إلى الدنيا فنقتل في سبيلك مرة أخرى .. فلما رأى ان ليس لهم حاجة، تُركوا. الكتاب قادني إلى تساؤلات عدة.. طرحت سؤالاً: إلى أي مدى غاص هذا الاميركي بعالم ديننا؟!. طرحت آخر: كيف يمكن لكاتبٍ غربي ان يصل إلى قناعة كهذه، بان يعنون كتابه بكلمات مقتبسة من حديث نبوي شريف (لنبي) يهاجمه الغرب ليل نهار؟!. طرحت ثالثاً: كم من كاتب عربي إسلامي، وصل إلى قناعة كالتي وصل إليها (روسن)؟!. طرحت رابعاً: كم من كاتب عربي إسلامي يؤمن (حتى) بان من سقط ويسقط في العراق على يد الاحتلال الانجلوسكسوني، يصنف ضمن قائمة (الشهداء)؟!. طرحت خامساً: كم سأطرح من تساؤلات، وبداخلي عالم منها!. تبقى فكرة الحديث.. من أنا لأطرح كل هذه التساؤلات!.. أنا العبد الفقير لله .. المتخذ (خير البشر) قدوتي .. عبد تنتابه (غصة) عندما يرى كاتباً غربياً يغوص في أعماق (الحكايات الإسلامية) ويصل لحد القناعة بها، وكاتبا (من أهل الدار) يتهرب من (حكايات دينه) كأنها فعل (إرهاب) كما يصيح الحاقدون في الغرب. [email protected]