كنت قد كتبت أكثر من مرة حول موضوع العشائر وذلك لأهمية هذا الموضوع تاريخيا – ولدورها في تاريخ الأردن الحديث سياسيا وعبر التاريخ قبل الاسلام وبعده – كانت العشيرة والقبيلة عنصرا اساسيا في تكوين الدول – وابن خلدون ركز على عصبية الدولة- اي ان تكون للدولة عصبية تحميها – قد تكون قبلية وقد تكون حزبية ، ولا يعني ذلك مواجهة مع التحول نحو الدولة المدنية- وهذا ما حاول الاسلام بداية تعميقه- الدولة في مواجهة القبيلة – والقانون مقابل العادات – وغير ذلك من المصفوفات التي تحتاجها الدولة الحديثة. وفي الاردن عقدت العشائر الأردنية منذ العشرينات مؤتمراتها المتوالية، وبمحتويات مختلفة، وربما تكون في بعضها متقدمة على طروحات الاحزاب في ايامنا هذه. سواء فيما يتعلق بالبعد السياسي او القومي والعلاقة مع القضية الفلسطينية والاستعمار في حينه، واشكاله المتجددة، العشائر الان تكون صلب الاجهزة الامنية- فما من عائلة اردنية الا ولها ابن عامل او متقاعد من صفوف هذه الاجهزة ويحمل لها كل تقدير واحترام ولكن العشائر بدأت فيها توجهات جديدة – من همومها الكبرى الى اين نحن ذاهبون؟ ما هو موقعنا كبلد في خضم هذه الاحداث المتلاحقة، الاسر الاردنية والتي تعتمد على الوظيفة في الغالب ، وتسعى اليها كهدف من التعليم ، لم تعد مداخيلها تكفي لحاجاتها الأساسية ، وهي تسمع وتقرأ بالهدر على مدار السنوات الماضية بمئات الملايين تحت عناوين مختلفة وتقارن واقعها ، فيبدأ فيها الحراك والذي اخذ ايضا سقوفا مختلفة ، ليس من المستحب ابدا ان نصطدم ببعضنا ، وان تضيع جهودنا، ونحن نسعى الى الحفاظ على بلدنا، الكل جزء من مكونات الدولة ، والاستقواء من اي طرف مرفوض، واتساع الصدر يجب ان يكون للجميع فما يقال وما يكتب كثير وكبير، لندع الناس على الأقل تعبر عن وجهة نظرها ولنستمع اليها ، فلعل فيها من الصحة او الحكمة او الموقف ما يمكن الاستفادة منه، نحن بحاجة الى ميثاق وطني ليس مكتوبا فقط، وانما معمول به ومحترم من الجميع، الكل يسعى الى الاصلاح ويدّعي الاصلاح ويطالب به، فلتكن سفينة الاصلاح تتسع للجميع، دون ان يخرق احد هذه السفينة، العشائر يجب ان تبقى صمام الامان في الاردن، والحكومة يجب ان تدرس جيدا واقعها، واقتصاد اسرها، ووظائف ابنائها ، وقوتهم اليومي مرتبط بكرامة ابنائها، والعشائر هي لحمة هذا البناء بايجابياتها وليس بسلبياتها ، وبعطائها وانتمائها وليس باستقوائها ، والحكومة يجب ان تكون اوسع صدرا في التعامل معها.
