ولدت اللغة مع ولادة البشر على هذه الأرض، لذا كان الناس يسعون إلى تسمية الأشياء كلها، المحسوسة منها وغير المحسوسة بأسماء أطلقوها عليها، وعند انتشارهم بكافة بقاع البسيطة تنوعت هذه المسميات بينهم واختلفت.
واللغة كانت مصدر هذه الدلالات والمسميات التي اطلقت على كل ما لمسته يد إنسان أو اختراع صممه ليخدم نفسه والآخرين به، ومع السفر والترحال من مكان إلى مكان ظهر مفهوم اللهجات الذي يرتبط بالأرض ويكون جزءاً من اللغة، لذا نجد أنها تنوعت بين الشعوب فكثرت لهجات اللغة الواحدة، ولنستشهد بلغتنا العظيمة «اللغة العربية»، فقد انتشرت منذ ولادتها، وخُطت بها الكتب والأوراق وأضحت منهجا للتعلم والتعليم، ولغة لدين الإسلام وأعظم الكتب»القرآن الكريم»، وأصبحت اللغة الرسمية للعديد من الدول، ولكن نجد أن أغلب الناس يقعون بلبس عدم التفريق بين اللغة واللهجة، فمع قلة الوعي والتفكر الكافي بالموضوع تتوه اللغة فلا يفرق بينها وبين اللهجة أو اللهجات التي تنتمي إليها.
ومن أفضل الأمثلة كما قلت في البداية لغتنا السامية «اللغة العربية»، وعلى السبيل المثال لا الحصر مجتمعنا متنوع اللهجات بين لهجة أهل المدينة، وأهل الريف «القرية»، وأهل البادية، فيه تتنوع لهجات الناس التي يتعاملون بها في الحياة اليومية، ولو وجدنا مجتمعا أصغر يحتوي على كل هذه اللهجات نجد أن الجامعات خير مثال على ذلك، فنجد شريحة ممن لا يدركون معنى اللغة يقولون مثلا عن أحد الطلبة هذا لغته ريفية، وآخر قد يقول هذا لغته مدنية، وتكثر تلك الكلمات المتهكمة الساخرة التي يتبادلونها بينهم، وأولئك هم الذين لم يفكروا ولو للحظة أن ما يقومون به غير منطقي، فما يسمونها لغة هي ليست إلا جزءاً من اللغة يطلق عليها لهجة.
كما قلت وأعود أكرر أن اللهجة هي جزء من اللغة، وهوية اللغة تبقى محفوظة مع تعدد لهجاتها وناطقيها، وجاء في معجم لسان العرب: تعريفات لهما، اللغة: اللسان، أي الكلام، واللهجة: طرف اللسان، وجرس الكلام، وأيضاً قيل في تعريف اللغة: إنها التعبير عن الأفكار بواسطة الأصوات الكلامية المؤتلفة من كلمات، واللهجة في الإصطلاح اللغوي: مجموعة من الصفات اللغوية تنتمي إلى بيئة خاصة، إذا نستخلص من التعاريف السابقة الفرق بين اللغة واللهجة والعلاقة بينهما أيضاً، فاللغة تنتشر وتغطي بقاعا عديدة من الأرض، وكل بقعة تتخذ لهجة لها، فإذا اللهجة ترتبط بالبيئة المحيطة بالشعب الذي يتحدث بها، لذلك نجد أن الفرق بينهما، يكون في إختلاف الأصوات، وبعض المفردات، والتراكيب التي يستطيع أن يفهمها من يتحدثون بلهجة واحدة، لذلك نجد أن أهل شمال أفريقيا تختلف لهجتهم عن أهل الجزيرة العربية، ولكن تجمعهم لغة واحدة ألا وهي اللغة العربية، لذلك تبقى اللهجات المتداولة والدارجة مشتقة من اللغة، لغتها الأم.
مجد خضر
