الرأي – علي فريحات
أكد أكاديميون وصحفيون أن الإعلام الرقمي فرض واقعا جديدا في المشهد الإعلامي الأردني، بينما لا تزال البيئة التشريعية تعاني من بطء في مواكبة هذا التحول السريع، الأمر الذي يضع تحديات حقيقية أمام حرية التعبير والعمل الصحفي الرقمي.
وقال عميد كلية الإعلام في جامعة الزرقاء، الدكتور أمجد الصفوري، إن الإعلام الرقمي بات يشكّل أحد أبرز أدوات التأثير في الرأي العام، متجاوزًا الإعلام التقليدي من حيث الانتشار وسرعة الوصول، إلا أن المنظومة التشريعية لم تواكب هذا التطور بنفس الوتيرة. ولفت إلى أن القوانين الناظمة مثل قانون المطبوعات والنشر والجرائم الإلكترونية وبعض مواد قانون العقوبات، تُستخدم أحيانًا لتقييد حرية التعبير بدلاً من حمايتها، في ظل غياب تعريفات قانونية واضحة.
وأشار نائب عميد كلية الإعلام في جامعة اليرموك، الدكتور زهير الطاهات، إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي غيّرت من أساليب العمل الصحفي، وفرضت تحديات تتعلق بالمهنية والالتزام بأخلاقيات المهنة، إذ بات السباق نحو "الترند" والسبق الصحفي يؤثر أحيانًا على مفاهيم الحياد والدقة، رغم الفرص التي أتاحتها هذه المنصات لبناء هوية رقمية وتفاعل مباشر مع الجمهور.
من جانبه، اعتبر نائب عميد كلية الإعلام في جامعة الزرقاء، الدكتور عامر خالد، أن البيئة التشريعية الأردنية ما تزال في مرحلة التكيّف مع الإعلام الرقمي، مشيرا إلى أن بعض النصوص القانونية الفضفاضة تفتح المجال لتفسيرات قد تُستخدم لتقييد الحريات، رغم أن القوانين تهدف إلى تنظيم المحتوى وحماية المجتمع، ما يتطلب تحديثًا مستمرًا وتشريعات أكثر توازنًا.
أما الأكاديمي في جامعة الزرقاء الدكتور أحمد الشرايري، فرأى أن الأردن يسير بخطى ثابتة نحو مواكبة الإعلام الرقمي من خلال قوانين كقانون الجرائم الإلكترونية، إلا أن بعض هذه القوانين تثير الجدل بسبب عمومية صياغاتها، مؤكدًا أهمية تحقيق التوازن بين حماية المجتمع وضمان حرية الصحافة، وتعزيز الحوار لتطوير البيئة القانونية.
بدوره، أشار الصحفي أمجد اسنيد إلى أن الإعلام الرقمي لا يزال حديث النشأة في الأردن، مستدلًا على ذلك بتأخر تدريسه في الجامعات، حيث لم تُدرج مساقاته إلا في السنوات القليلة الماضية. وأوضح أن التحول الرقمي غيّر البنية الإعلامية، لكن التشريعات لا تزال تتعامل معه كاستثناء، وتعالج الإعلام التقليدي كأساس.
وفي السياق ذاته، قالت رئيس تحرير موقع نافذة البيئة والتنمية الصحفية نادية العنانزة إن التطور الرقمي للإعلام الأردني كان موازيًا بين المؤسسات الإعلامية والأكاديمية، وأسهم في إعداد كوادر قادرة على أداء رسالتها الإعلامية بفعالية على الصعيدين المحلي والدولي.
وأكدت أن الإعلام المسؤول يُعد من ركائز الأمن الوطني، مشددة على أن ترسيخ المهنية بأبعادها القانونية والأخلاقية والمجتمعية يمثل ضمانة لاستقلالية وسائل الإعلام. وأشارت العنانزة إلى أن إطلاق مشروع التربية الإعلامية جاء كنهج وطني لغرس الوعي والمعرفة لدى النشء، ومواجهة المحتوى المضلل الذي يستهدف الثوابت الوطنية عبر الفضاء الإلكتروني.